بِالرِّجَالِ، فَأَمَّا الْأَرَامِلُ فَهُنَّ النِّسَاءُ اللَّاتِي فَارَقَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ، وَقِيلَ: هُوَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
إِنْ وَقَفَ عَلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ مَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ، وَفِيهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سِرَارِ الْأَيِّمِ» ، إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ النِّسَاءَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ اخْتِصَاصُهُنَّ بِهَذَا الِاسْمِ الْعُرْفِيِّ، يُقَالُ: امْرَأَةٌ أَيِّمٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ مُشَارِكًا لَهَا لَقِيلَ: أَيِّمٌ، وَأَيِّمَةٌ كَقَائِمٍ وَقَائِمَةٍ، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ " أَيِّمَةً "؛ وَلِأَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ الْعَزَبَ يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ (فَأَمَّا الْأَرَامِلُ فَهُنَّ النِّسَاءُ اللَّاتِي فَارَقَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَصَّى لِأَرَامِلَ بَنِي فُلَانٍ، فَقَالَ: قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَالَّذِي يُعْرَفُ فِي كَلَامِ النَّاسِ أَنَّ الْأَرَامِلَ النِّسَاءُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَعْرُوفُ، فَيَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَيْهِ (وَقِيلَ: هُوَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) ، وَقَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَنْشَدَ:
هَذِي الْأَرَامِلُ قَدْ قَضَّيْتَ حَاجَتَهَا ... فَمَنْ لِحَاجَةِ هَذَا الْأَرْمَلِ الذَّكَرِ
فَيُقَالُ: رَجُلٌ أَرْمَلُ، وَامْرَأَةٌ أَرْمَلَةٌ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَرَامِلَ جَمْعُ أَرْمَلَةٍ، فَلَا يَكُونُ جَمْعًا لِلْمُذَكَّرِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمُفْرَدِ يَقْتَضِي اخْتِلَافَ الْجَمْعِ، وَالشِّعْرُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَمِلَ لَفْظُ الْأَرَامِلِ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ لَقَالَ: حَاجَتَهُمْ؛ لِأَنَّ تَذْكِيرَ الضَّمِيرِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّوْعَيْنِ لَازِمٌ، وَسَمَّى نَفْسَهُ أَرْمَلًا تَجَوُّزًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ، وَلَوْ ثَبَتَ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّهُ لَهُمَا لَكِنْ خَصَّهُ أَهْلُ الْعُرْفِ بِالنِّسَاءِ، فَهُجِرَتِ الْحَقِيقَةُ، وَصَارَتْ مَهْجُورَةً.
فَرْعٌ: إِخْوَتُهُ، وَعُمُومَتُهُ، وَبِكْرٌ، وَثَيِّبٌ، وَعَانِسٌ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى.
[وَقَفَ عَلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ مَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ]
وَ (إِنْ وَقَفَ عَلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ، أَوْ قَرَابَتِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ) أَيْ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ - (مَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ) ، عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ؛ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُقَابِلِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ قَرِينَةً صَارِفَةٍ لِلَّفْظِ عَنْ شُمُولِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا أَطْلَقَ آيَةَ الْمِيرَاثِ لَمْ يَشْمَلِ الْمُخَالِفَ، فَكَذَا هُنَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مُسْلِمًا لَمْ يَدْخُلِ الْكَافِرُ، وَكَذَا عَكْسُهُ، فَإِنْ صَرَّحَ بِهِمْ دَخَلُوا؛ لِأَنَّ إِخْرَاجَهُمْ يُتْرَكُ بِهِ صَرِيحُ الْمُقَالِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ قَرِينَةِ الْحَالِ، وَكَذَا إِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى إِرَادَتِهِمْ، فَلَوْ كَانَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute