للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَدْخُلُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ كَافِرًا.

وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ وَلَهُ مَوَالٍ مِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ أَسْفَلَ تَنَاوَلَ جَمِيعَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَخْتَصُّ الْمَوَالِيَ مِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالْأَقَارِبُ كُلُّهُمْ كُفَّارًا دَخَلُوا؛ لِأَنَّ إِخْرَاجَهُمْ يُؤَدِّي إِلَى رَفْعِ اللَّفْظِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي كُفَّارٌ دَخَلُوا أَيْضًا؛ لِأَنَّ إِخْرَاجَهُمْ بِالتَّخْصِيصِ بَعِيدٌ، وَفِيهِ مُخَالَفَةُ الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ كُفَّارًا فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِمْ، وَالتَّخْصِيصُ يَصِحُّ بِإِخْرَاجِ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ: يَدْخُلُ الْكُفَّارُ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ فِي مِثْلِ هَذَا بَعِيدٌ، وَأَنَّ تَخْصِيصَ الصُّورَةِ النَّادِرَةِ قَرِيبٌ، وَتَخْصِيصُ الْأَكْثَرِ بَعِيدٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ.

فَائِدَةٌ: حُكْمُ سَائِرِ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ كَالْإِخْوَةِ، وَالْأَعْمَامِ، وَالْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ - حُكْمُ أَهْلِ قَرْيَتِهِ، (وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَدْخُلُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ كَافِرًا) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إِنْ كَانَ كَافِرًا تَنَاوَلَ أَهْلَ دِينِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَتَنَاوَلُهُمْ، وَالْقَرِينَةَ دَالَّةٌ عَلَى إِرَادَتِهِمْ، وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْلِمُ؟ يُنْظَرُ، فَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ عَلَى دُخُولِهِمْ كَمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا مُسْلِمُونَ، وَإِنِ انْتَفَتِ الْقَرَائِنُ فَوَجْهَانِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ كَافِرٌ مِنْ غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْوَاقِفِ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تُخْرِجُهُ، وَقِيلَ بِدُخُولِهِ بِنَاءً عَلَى تَوْرِيثِ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ.

مُلْحَقٌ: الصَّبِيُّ وَالْغُلَامُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، وَالْيَتِيمُ مَنْ لَا أَبَ لَهُ، وَلَوْ جَهِلَ بَقَاءَ أَبِيهِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُعْطَى مَنْ لَيْسَ لَهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَبٌ يُعْرَفُ، فَإِنْ بَلَغَ خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْيُتْمِ، وَالشَّابُّ وَالْفَتَى مَنْ بَلَغَ إِلَى الثَّلَاثِينَ، وَقِيلَ: وَخَمْسَةٌ، وَالْكَهْلُ مِنْهَا إِلَى الْخَمْسِينَ، وَالشَّيْخُ مِنْهَا إِلَى السَّبْعِينَ، وَفِي " الْكَافِي " وَ " التَّرْغِيبِ " إِلَى آخِرِ الْعُمْرِ ثُمَّ الْهَرِمُ، وَالْأَشْرَافُ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، قَالَ: وَأَهْلُ الْعِرَاقِ كَانُوا لَا يُسَمُّونَ شَرِيفًا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَغَيْرِهِمْ لَا يُسَمُّونَ إِلَّا مَنْ كَانَ عَلَوِيًّا، وَالشَّرِيفُ فِي اللُّغَةِ خِلَافُ الْوَضِيعِ وَالضَّعِيفِ، وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقَّ الْبُيُوتِ بِالتَّشْرِيفِ صَارَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ شَرِيفًا، فَلَوْ وَصَّى لِبَنِي هَاشِمٍ لَمْ يَدْخُلْ مَوَالِيهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>