فصل
وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونُ النِّصْفِ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ. وَفِي اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَجْهَانِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَاخْتَارَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَغَيْرُهُ ; لِسُكُوتِهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ. وَعَنْهُ: لَيْسَ بِجَوَابٍ صَحِيحٍ فَيُطَالَبُ بِرَدِّ الْجَوَابِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: هُوَ أَشْهَرُ.
وَقِيلَ: تُقْبَلُ دَعْوَى الْوَفَاءِ لَا الْإِبْرَاءِ. وَبَنَى عَلَيْهَا فِي الْوَسِيلَةِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَخَذْتُ مِنْكَ كَذَا قَبْلَ الْعِتْقِ. قَالَ: بَعْدَهُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا لَوْ قَالَ: كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ. هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ فَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لَا تُسْمَعُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: بِلَا خِلَافٍ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ. وَسَكَتَ، لَزِمَهُ الْأَلْفُ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا.
وَيَتَخَرَّجُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ شَيْئًا فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ فِي زَمَنٍ مَاضٍ. وَكَذَا لَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ. وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْوُجُوبِ.
وَالْأَصْلُ: بَقَاؤُهُ حَتَّى يُوجَدَ مَا يَرْفَعُهُ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ تَنَازَعَا دَارًا، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكُهُ، حُكِمَ لَهُ بِهَا. إِلَّا أَنَّهُ هُنَا إِذَا عَادَ فَادَّعَى الْقَضَاءَ أَوِ الْإِبْرَاءَ، سُمِعَتْ دَعْوَاهُ ; لِأَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَبَيْنَ مَا يَدَّعِيهِ، عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
[فصل فِي الِاسْتِثْنَاءِ]
[اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَمَا دُونَهُ]
فصل
(وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونُ النِّصْفِ) نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ; لِأَنَّهُ لُغَةُ الْعَرَبِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: ١٤] .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشَّهِيدُ تُكَفَّرُ عَنْهُ خَطَايَاهُ كُلُّهَا إِلَّا الدَّيْنَ» . وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَمْنَعُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْإِقْرَارِ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ، وَلَا يُرْفَعُ مَا ثَبَتَ ; لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ شَيْءٌ لَمْ يَقْدِرِ الْمُقِرُّ عَلَى رَفْعِهِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونَ النِّصْفِ. (وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ) أَيْ: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ، لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ. قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ