فَصْلٌ يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنِ الْقِصَاصِ بِدِيَاتٍ وَبِكُلِّ مَا يُثْبِتُ مَهْرًا وَلَوْ صَالَحَ سَارِقًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ لَمْ يَمْلِكْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْإِجَازَةِ، فَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعِي: قَدْ عَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صِحَّةَ دَعَوَاكَ، وَهُوَ يَسْأَلُكَ أَنْ تُصَالِحَهُ عَنْهُ، وَقَدْ وَكَّلَنِي فِي الْمُصَالَحَةِ عَنْهُ صَحَّ، وَإِنْ صَالَحَ عَنِ الْمُنْكِرِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُنْكِرَ أَقَرَّ قَبْلَ الصُّلْحِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لَمْ يُسْمَعْ، وَلَمْ يُنْقَضِ الصُّلْحُ، وَلَوْ شَهِدَتْ بِأَصْلِ الْمِلْكِ.
[الصُّلْحُ عَنِ الْقِصَاصِ]
فَصْلٌ هَذَا شُرُوعٌ فِي الصُّلْحِ عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ (يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنِ الْقِصَاصِ) ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ إِقْرَارٍ، وَإِنْكَارٍ.
قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": وَ " الْمُغْنِي " يَجُوزُ عَنْ قَوَدٍ وَسُكْنَى دَارٍ وَعَيْبٍ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ.
وَقَالَ فِي " الْفُصُولِ ": وَإِنَّ الْقَوَدَ لَهُ بَدَلٌ، وَهُوَ الدِّيَةُ كَالْمَالِ، وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ.
وَقَالَ: إِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا مِنَ الْغَيْرِ، صَحَّ، وَمِنْهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ، فَإِنَّهُ بِمَعْنَى الصُّلْحِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَإِنَّهُ يَتَخَرَّجُ فِيهِ كَالْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَإِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا بِصِحَّةِ الصُّلْحِ عَنِ الْمَجْهُولِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فِي صُبْرَةٍ أَتْلَفَهَا جَهْلًا كَيْلَهَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي (بِدِيَاتٍ) ، لِأَنَّ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاص بَذَلُوا لِلَّذِي وَجَبَ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى هُدْبَةَ بْنِ خَشْرَمٍ سَبْعَ دِيَاتٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَلِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ، فَلَا يَقَعُ الْعِوَضُ فِي مُقَابَلَتِهِ (وَبِكُلِّ مَا يُثْبِتُ مَهْرًا) . قَالَهُ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ إِسْقَاطُهُ فَلَأَنْ يَصِحَّ الصُّلْحُ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَإِنْ جَاوَزَ الدِّيَةَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ بِدُونِ دِيَتِهِ وَأَكْثَرَ إِنْ وَجَبَ الْقَوَدُ عَيْنًا، أَوْ طَلَبَ الْوَلِيُّ وَقُلْنَا: يَجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " لَا يَصِحُّ عَلَى جِنْسِ الدِّيَةِ إِنْ قِيلَ: مُوجِبُهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ، وَلَمْ يَخْتَرِ الْوَلِيُّ شَيْئًا إِلَّا بَعْدَ تَعْيِينِ الْجِنْسِ مِنْ إِبِلٍ، أَوْ غَنَمٍ حِذَارًا مِنَ الرِّبَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَصِحُّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا، وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ.
فَرْعٌ: إِذَا صَالَحَ عَنْهُ بِعَبْدٍ فَخَرَجَ مُسْتَحِقًّا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، وَكَذَا إِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute