للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصْلَحَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُصْلِحُونَ هُمْ طَعَامًا لِلنَّاسِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ عِكْرِمَةُ: هَذَا فِي حَقِّهِمْ خَاصَّةً، بِخِلَافِ شَرْعِنَا، بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ، أَوْ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} [الطور: ٢١] أَوْ أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْكَافِرِ، أَيْ: لَيْسَ لَهُ مِنَ الْجَزَاءِ إِلَّا جَزَاءُ سَعْيِهِ، تَوَفَّاهُ فِي الدُّنْيَا، وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ، أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ: لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى عَدْلًا، وَلَهُ مَا سَعَى غَيْرُهُ فَضْلًا، أَوْ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرعد: ٢٥] وَعَنِ الثَّانِيَةِ: بِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَفْهُومِ، وَمَنْطُوقُ السُّنَّةِ بِخِلَافِهِ، وَعَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي عَمَلِ غَيْرِهِ لَا عَمَلِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَفْتَقِرُ أَنْ يَنْوِيَهُ حَالَ الْقِرَاءَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَثَبْتَنِي عَلَى هَذَا، فَاجْعَلْهُ أَوْ مَا يُشَابِهُ لِفُلَانٍ، وَقِيلَ: يَسِيرُ الثَّوَابِ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ لَهُ، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ.

وَبَالَغَ الْقَاضِي فَقَالَ: إِذَا صَلَّى فَرْضًا، وَأَهْدَى ثَوَابَهُ صَحَّتِ الْهَدِيَّةُ، وَأَجْزَأَ فَاعِلَهُ، وَفِيهِ بُعْدٌ، فَلَوْ أَهْدَى بَعْضَ الْقُرْبَةِ، فَنَقَلَ الْكَحَّالُ فِي الرَّجُلِ يَعْمَلُ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ مِنَ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَيَجْعَلُ نِصْفَهُ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ قَالَ: أَرْجُو، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ صَاحِبِ " التَّلْخِيصِ "، وَ " الْمُحَرَّرِ " أَنَّهُ إِذَا جَعَلَ ثَوَابَ قُرْبَةٍ لِحَيٍّ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ الْحَيَّ كَالْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ.

قَالَ الْقَاضِي: لَا يُعْرَفُ رِوَايَةٌ بِالْفَرْقِ، بَلْ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ يَعُمُّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إِنَّمَا ذَكَرَ الْمَيِّتَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَدِلَّةِ فِيهِ، وَحَاجَتُهُ إِلَى الثَّوَابِ أَكْثَرُ، وَأَنَّهُ إِذَا جَعَلَهَا لِغَيْرِ مُسْلِمٍ لَا يَنْفَعُهُ؛ وَهُوَ صَحِيحٌ لِنَصٍّ وَرَدَ فِيهِ.

[إِصْلَاحُ الطَّعَامِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَإِرْسَالِهِ لَهُمْ]

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصْلِحَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ) لِقَوْلِهِ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَلِأَنَّ فِيهِ جَبْرًا، وَالْمَذْهَبُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ (وَلَا يُصْلِحُونَ هُمْ طَعَامًا لِلنَّاسِ) فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>