للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ، وَفِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ رِوَايَتَانِ.

فَصْلٌ وَلَهَا عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، فَمِنْ كُلِّ ثَمَانٍ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالصَّحِيحُ تُمْنَعُ (إِلَّا الذِّمِّيَّةُ، فَلَهُ إِجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْوَطْءِ تَقِفُ عَلَيْهِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، فَعَلَى ذَلِكَ يَطَأُ بِدُونِهِ (وَفِي سَائِرِ) أَيْ: بَاقِي (الْأَشْيَاءِ رِوَايَتَانِ) أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تُجْبَرُ؛ لِأَنَّ كَمَالَ الِاسْتِمْتَاعِ يَقِفُ عَلَيْهِ، إِذِ النَّفْسُ تَعَافُ وَطْءَ مَنْ عَلَيْهَا غُسْلٌ أَوْ شَرِبَتْ مُسْكِرًا أَوْ لَهَا شِعْرَةٌ، وَالثَّانِيَةُ: لَا تُجْبَرُ؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَالنَّجَاسَةِ وَاجْتِنَابَ الْمُحَرَّمِ عِنْدَنَا غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهَا، وَإِزَالَةُ الشَّعَرِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ عِنْدَنَا إِلَّا شَعَرَ الْعَانَةِ إِذَا خَرَجَ عَنِ الْعَادَةِ، فَلَهُ إِجْبَارُهَا عَلَيْهِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ "، وَفِي التَّنْظِيفِ وَالِاسْتِحْدَادِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَجْهَانِ، قَالَ الْقَاضِي: لَهُ إِجْبَارُهَا عَلَى الِاسْتِحْدَادِ إِذَا طَالَ الشَّعَرُ.

[لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ]

فَصْلٌ (وَلَهَا عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ) إِذَا كَانَتْ حُرَّةً بِطَلَبِهَا؛ لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ سُورٍ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَفْضَلَ مِنْ زَوْجِي، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَبِيتُ لَيْلَهُ قَائِمًا، وَيَظَلُّ نَهَارَهُ صَائِمًا، فَاسْتَغْفَرَ لَهَا، وَأَثْنَى عَلَيْهَا، وَاسْتَحْيَتِ الْمَرْأَةُ، وَقَامَتْ رَاجِعَةً، فَقَالَ كَعْبٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلَّا أَعَدَّيْتَ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا جَاءَتْ تَشْكُوهُ، إِذَا كَانَ هَذَا حَالَهُ فِي الْعِبَادَةِ، فَمَتَى يَتَفَرَّغُ لَهَا؟! فَبَعَثَ عُمَرُ إِلَى زَوْجِهَا وَقَالَ لِكَعْبٍ: اقْضِ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّكَ فَهِمْتَ مِنْ أَمْرِهَا مَا لَمْ أَفْهَمْهُ، قَالَ: فَإِنِّي أَرَى كَأَنَّهَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا ثَلَاثُ نِسْوَةٍ هِيَ رَابِعَتُهُنَّ، فَأَقْضِي لَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ يَتَعَبَّدُ فِيهِنَّ، وَلَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا رَأْيُكَ الْأَوَّلُ بِأَعْجَبَ إِلَيَّ مِنَ الْآخَرِ، اذْهَبْ فَأَنْتَ قَاضٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَفِي لَفْظٍ، قَالَ عُمَرُ: الْقَاضِي أَنْتَ، رَوَاهُ سَعِيدٌ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَصِينٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ اشْتُهِرَتْ وَلَمْ تُنْكَرْ، فَكَانَتْ كَالْإِجْمَاعِ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>