للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدُ. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ، أَوْ قَالَ: قَبَضْتُ ثَمَنَ مِلْكِي. وَنَحْوَهُ، لَمْ يسمع بَيِّنَتُهُ أَيْضًا.

فصل

وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ، لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو أَوْ مَلَّكْتُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْتُهُ مِنْ زِيدٍ. لَزِمَهُ دَفْعُهُ إِلَى زَيْدٍ، وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو. وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُهُ مِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَبَضْتُ ثَمَنَ مِلْكِي. وَنَحْوَهُ، لَمْ يسمع بَيِّنَتُهُ أَيْضًا) لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِخِلَافِ مَا أَقَرَّ بِهِ، فَهُوَ مُكَذِّبٌ لَهَا. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَا إِذَا ادَّعَى بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ كَانَ وَقْفًا عَلَيْهِ: فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ الْآنَ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: مَلَكْتُ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ زَيْدٍ. فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِمِلْكِهَا، وَلَا يَحْكُمُ لَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ زِيدٍ. وَإِنْ قَالَ: أَخَذْتُهَا مِنْ يَدِهِ. فَقَدِ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْيَدِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهَا إِلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ: مَلَكْتُهَا عَلَى يَدِهِ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لَهُ بِالْيَدِ وَلَا بِالْمِلْكِ ; لِأَنَّهُ يُرِيدُ مُعَاوَنَتَهُ وَسِفَارَتَهُ.

فَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ، وَقَالَ: هَذَا الَّذِي أَقْرَرْتُ لَكَ بِهِ. قَالَ: بَلْ هُوَ غَيْرُهُ. لَمْ يَلْزَمْ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ. وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ سِوَاهُ. فَإِنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ فَادَّعَاهُ، لَزِمَهُ دَفْعُهُ ; لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ.

وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: صَدَقْتَ، وَالَّذِي أَقْرَرْتَ بِهِ آخَرُ عِنْدِكَ. لَزِمَهُ تَسْلِيمُ هَذَا وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْآخَرِ.

[فصل: قَالَ غَصَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو]

فصل

(وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ، لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو) لَزِمَهُ دَفْعُهُ إِلَى زَيْدٍ ; لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِهِ. وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ عَلَى مَا سَبَقَ. وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو؛ وَلِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ لِإِقْرَارِهِ بِهِ لِغَيْرِهِ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَضْرَبَ عَنِ الْأَوَّلِ وَأَثْبَتَ لِلثَّانِي، فَلَا يُقْبَلُ الْإِضْرَابُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ إِنْكَارٌ بَعْدَ إِقْرَارٍ. وَيُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الثَّانِي ; لِأَنَّهُ لَا دَافِعَ لَهُ. فَإِذَا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْأَوَّلِ بِهِ، تَعَيَّنَ دَفْعُ الْقِيمَةِ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: لَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو شَيْئًا. (أَوْ مَلَّكْتُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْتُهُ مِنْ زَيْدٍ لَزِمَهُ دَفْعُهُ إِلَى زَيْدٍ) لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِالْيَدِ. (وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو) لِلْحَيْلُولَةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>