أَحَدِهِمَا أخذ بِالتَّعْيِينِ. فَيَدْفَعُهُ إِلَى مَنْ عَيَّنَهُ لَهُ وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ. وَإِنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ عَيْنَهُ. فَصَدَّقَاهُ انْتُزِعَ مِنْ يَدِهِ، وَكَانَا خَصْمَيْنِ فِيهِ. وَإِنْ كَذَّبَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي وَقْتَيْنِ، لَزِمَهُ أَلْفٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، ثُمَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ لِعَمْرٍو شَيْئًا. قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ; لِأَنَّهُ لَا تَفْرِيطَ مِنْهُ، إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَلَّكَهُ لِعَمْرٍو وَهُوَ فِي يَدِ زَيْدٍ بِإِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إِلَى عَمْرٍو، وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِزَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو أَوَّلًا لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ بِالْيَدِ لِزَيْدٍ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ.
وَفِي الْمُحَرَّرِ: هُوَ الْأَصَحُّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَالْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ. ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ.
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ: وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُهُ مِنْ زَيْدٍ، وَمَلَّكْتُهُ لِعَمْرٍو. وَأَخَذَهُ زَيْدٌ وَلَمْ يَضْمَنِ الْمُقِرُّ لِعَمْرٍو شَيْئًا. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: فِي الْأَشْهَرِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ، قَالَ لِآخَرَ: اسْتَوْدَعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ. قَالَ: صَدَقْتَ. ثُمَّ قَالَ: اسْتَوْدَعَنِيهِ رَجُلٌ آخَرُ. فَالثَّوْبُ لِلْأَوَّلِ، وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْآخَرِ. (وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا أخذ بِالتَّعْيِينِ) لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ بِمُجْمَلٍ، وَمَنْ أَقَرَّ بِمُجْمَلٍ لَزِمَهُ الْبَيَانُ، ضَرُورَةَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى مَعْلُومٍ (فَيَدْفَعُهُ إِلَى مَنْ عَيَّنَهُ لَهُ) لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ. (وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ) إِنِ ادَّعَاهُ لِتَكُونَ الْيَمِينُ شَيْئًا لِثُبُوتِ رَدِّ الْعَبْدِ أَوْ بَدَلِهِ، وَلَا يَغْرَمُ لَهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ. (وَإِنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ عَيْنَهُ. فَصَدَّقَاهُ انْتُزِعَ مِنْ يَدِهِ) لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ مُسْتَحِقُّهُ. (وَكَانَا خَصْمَيْنِ فِيهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ. (وَإِنْ كَذَّبَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ; لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ. وَيُنْتَزَعُ مِنْ يَدِهِ. فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قُرِعَ صَاحِبُهُ حَلَفَ وَسُلِّمَ إِلَيْهِ. وَإِنْ بَيَّنَ الْغَاصِبُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالِكَهَا، قُبِلَ مِنْهُ، كَمَا لَوْ بَيَّنَهُ ابْتِدَاءً. وَيُحْتَمَلُ: أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْهُ. فَإِذَا حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا لَزِمَهُ دَفْعُهُ لِلْآخَرِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى تَعْيِينِهِ. وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لَهُمَا، سُلِّمَتْ إِلَى أَحَدِهِمَا. (وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي وَقْتَيْنِ، لَزِمَهُ أَلْفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute