أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ فَرَسٍ، أَوْ قَرْضٍ، لَزِمَهُ أَلْفَانِ وَإِذَا ادَّعَى رَجُلَانِ دَارًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، شَرِكَةً بَيْنَهُمَا بِالتسوِيةِ، فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا، فَالْمُقَرُّ بِهِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قَالَ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الزَّائِدِ، وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدًا. ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدًا. كَانَ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلَ، وَالرُّؤْيَةُ إِنَّمَا هِيَ الرُّؤْيَةُ أَوَّلًا.
ونَظِيرُ ذَلِكَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَخْبَرَ عَنْ إِرْسَالِ نُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَشُعَيْبٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى، وَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ، لَمْ تَكُنِ الْقِصَّةُ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى. (وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ فَرَسٍ، أَوْ قَرْضٍ، لَزِمَهُ أَلْفَانِ) لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا، كَقَوْلِهِ: رَأَيْتُ زَيْدًا الطَّوِيلَ. ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدًا الْقَصِيرَ. لَمْ يَكُنِ الثَّانِي الْأَوَّلَ البَتَّةَ. وَكَذَا إِنْ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ، كَأَجَلَيْنِ لَهُمَا، أَوْ سَكَنَيْنِ، أَوْ صِفَتَيْنِ، لَزِمَهُ أَلْفَانِ.
كَمَنْ قَالَ: قَبَضْتُ أَلْفًا يَوْمَ السَّبْتِ، وَأَلْفًا يَوْمَ الْأَحَدِ. بِخِلَافِ تَعَدُّدِ الْأَشْهَادِ. فَلَوْ قَيَّدَ أَحَدَهُمَا بِسَبَبٍ، وَأَطْلَقَ الْآخَرَ، حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَلَزِمَهُ أَلْفٌ وَاحِدَةٌ مَعَ الْيَمِينِ.
وَلَوْ شَهِدَ بِكُلِّ إِقْرَارٍ شَاهِدٌ، جُمِعَ قَوْلُهُمَا لِاتِّحَادِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ. وَلَا جَمْعَ فِي الْأَفْعَالِ.
١ -
(وَإِذَا ادَّعَى رَجُلَانِ دَارًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، شَرِكَةً بَيْنَهُمَا بِالتسوِيةِ، فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا، فَالْمُقَرُّ بِهِ بَيْنَهُمَا) فِي قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ ; لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّ الدَّارَ لَهُمَا مَشَاعَةٌ، فَالنِّصْفُ الْمُقَرُّ بَيْنَهُمَا كَالْبَاقِي.
وَقَالَ الْقَاضِي ـ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ـ: إِنْ أَضَافَا الشَّرِكَةَ إِلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ مِنْ إِرْثٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ شِرَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يَكُونَا قَبَضَاهَا بَعْدَ الْمِلْكِ لَهَا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا اخْتَصَّ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْمُقَرِّ بِهِ ; لِأَنَّ نَصِيبَ كَلِّ مِنْهُمَا يَتَعَلَّقُ بِنَصِيبِ الْآخَرِ. بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ طَعَامًا، فَهَلَكَ بَعْضُهُ أَوْ غُصِبَ، كَانَ الذَّاهِبُ بَيْنَهُمَا، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا، فَكَذَا الْإِقْرَارُ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ مَنِ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ: النِّصْفُ لِي، وَالْبَاقِي أَجْهَلُ رَبَّهُ. أَخَذَ مَا ادَّعَى، وَفِي الْبَاقِي أَوْجُهٌ.
وَمَنِ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ زَيْدٍ، فَأَقَرَّ بِهَا لِعَمْرٍو، وَكَذَّبَهُ عَمْرٌو ـ وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِكُلِّهَا ـ فَالْمُقَرُّ لَهُ مُقِرٌّ لِشَرِيكِهِ فِي الدَّعْوَى بِالنِّصْفِ. وَإِنْ كَانَ مَا أَقَرَّ لَهُ بِالشَّرِكَةِ، بَلِ ادَّعَى كُلَّهَا خَاصَمَهُ فِي النِّصْفِ. فَإِنِ ادَّعَى عَلَى عَمْرٍو وَبَكْرٍ عَيْنًا فِي أَيْدِيهِمَا فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا، فَنَصِيبُهُ لَهُ. فَإِنْ صَالَحَهُ