مَوْتِهِمَا ـ وَهُوَ الْوَارِثُ وَحْدَهُ ـ صَحَّ إِقْرَارُهُ، وَثَبَتَ النَّسَبُ. وَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ، وَلِلْمُقَرِّ لَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ مَا فَضَلَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ.
وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ بِنَسَبِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَرِثُ. ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: لَا يَثْبُتَانِ ; لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فِي تَمْيِيزِ النَّسَبِ، وَلَهَا مَدْخَلٌ فِي تَمْيِيزِ الرِّقِّ مِنَ الْحُرِّيَّةِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ السَّامَرِّيُّ، ثُمَّ ذَكَرَ: أَنَّهُ يُجْعَلُ سَهْمُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ; لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَسْتَحِقُّ نَصِيبَ وَلَدٍ وَلَا يُعْرَفُ عَيْنُهُ، فَلَا تَسْتَحِقُّهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، فَيَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ: يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ، وَيُسْتَسْعَى فِي بَاقِيهِ وَلَا يُرَقَّانِ.
فَرْعٌ: إِذَا بَاعَ وَاشْتَرَى، ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِزَيْدٍ، صَحَّ وَلَمْ تَبْطُلْ عُقُودُهُ الْمَاضِيَةُ.
[أَقَرَّ بِنَسَبِ أَخٍ أَوْ عَمٍّ]
(وَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبِ أَخٍ أَوْ عَمٍّ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّ إِقْرَارَ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ. (وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَوْتِهِمَا ـ وَهُوَ الْوَارِثُ وَحْدَهُ ـ صَحَّ إِقْرَارُهُ، وَثَبَتَ النَّسَبُ) لِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ، وهي مُتَّفَقٌ عليها مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ؛ وَلِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ مَوْرُوثِهِ فِي حُقُوقِهِ، وَهَذَا مِنْ حُقُوقِهِ، إِلَّا اللَّهُمَّ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ قَدْ نَفَاهُ، فَلَا يَثْبُتُ ; لِأَنَّهُ يَحْمِلُ عَلَى غَيْرِهِ نَسَبًا حُكِمَ بِنَفْيِهِ.
وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ: مَا إِذَا كَانَ الْوَارِثُ ابْنَةً وَاحِدَةً، فَإِنَّهَا تَحُوزُ الْمَالَ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ، فَإِنْ أَقَرَّتِ الزَّوْجَةُ بِابْنٍ لِزَوْجِهَا الْمَيِّتِ ـ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: مَنْ غَيْرِهَا ـ أَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِابْنٍ لَهَا مَنْ غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَصَدَّقَهُمَا نَائِبُ الْإِمَامِ ثَبَتَ النَّسَبُ. وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْمُقِرَّ إِذَا كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِي الْمَالِ، فَكَذَا فِي النَّسَبِ. (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ) لِأَنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى فِي حَقِّ شَرِيكِهِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَثْبُتَ فِي حَقِّهِ. فَلَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ عَاقِلًا وَمَجْنُونًا، فَأَقَرَّ الْعَاقِلُ بِأَخٍ، لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ. فَإِنْ مَاتَ الْمَجْنُونُ وَلَهُ وَارِثٌ غَيْرُ أَخِيهِ اعْتُبِرَ وِفَاقُهُ، وَإِلَّا كَفَى إِقْرَارُهُ. (وَلِلْمُقَرِّ لَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ مَا فَضَلَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) أَوْ كُلُّهُ، إِنْ كَانَ يُسْقِطُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرَائِضِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُنْكِرُ، وَالْمُقِرُّ وَارِثُهُ، ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْهُمَا. وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ، لَكِنْ يُعْطِيهِ الْفَاضِلَ فِي يَدِهِ عَنْ إِرْثِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute