كِتَابُ الْحَجْرِ
وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: حَجْرٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ، نَذْكُرُ مِنْهُ هَاهُنَا الْحَجْرَ عَلَى الْمُفْلِسِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[كِتَابُ الْحَجْرِ] [تَعْرِيفُ الحجر وَحُكْمُهُ]
هُوَ فِي اللُّغَةِ: الْمَنْعُ وَالتَّضْيِيقُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحَرَامُ حِجْرًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: ٢٢] أَيْ: حَرَامًا مُحَرَّمًا وَسُمِّيَ الْعَقْلُ حِجْرًا، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنِ ارْتِكَابِ مَا يَقْبُحُ وَتَضُرُّ عَاقِبَتُهُ، وَهُوَ فِي الشَّرْعِ مَنْعٌ خَاصٌّ أَيْ: مَنْعُ الْإِنْسَانِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥] أَيْ: أَمْوَالَهُمْ، لَكِنْ أُضِيفَتْ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ، لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ عَلَيْهَا مُدَبِّرُونَ لَهَا وقَوْله تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] وَإِذَا ثَبَتَ الْحَجْرُ عَلَى هَذَيْنِ ثَبَتَ عَلَى الْمَجْنُونِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
[أَنْوَاعُ الْحَجْرِ]
[النَّوْعُ الْأَوَّلُ حَجْرٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ]
[الْحَجْرُ عَلَى الْمُفْلِسِ]
(وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: حَجْرٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ) أَيْ: لِغَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَالْمُفْلِسِ، وَالْمَرِيضِ، وَالزَّوْجَةِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ تَبَرُّعٍ عَلَى رِوَايَةٍ، وَالْعَبْدِ، وَالْمُكَاتَبِ، وَالْمُشْتَرِي مَالُهُ فِي الْبَلَدِ، أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ، وَالرَّاهِنِ، وَالْمُشْتَرِي بَعْدَ طَلَبِ شَفِيعٍ. وَضُرِبَ لِحَقِّهِ، كَالصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ، وَالسَّفِيهِ (نَذْكُرُ مِنْهُ هَاهُنَا الْحَجْرَ عَلَى الْمُفْلِسِ) أَيْ: لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَالْمُفْلِسُ: الْمُعْدِمُ وَمِنْهُ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ: «مَنْ تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ، وَلَا مَتَاعَ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ الْمُفْلِسَ، وَلَكِنَّ الْمُفْلِسَ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ وَيَأْتِي، وَقَدْ ظَلَمَ هَذَا وَأَخَذَ مِنْ عِرْضِ هَذَا فَيَأْخُذُ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَرُدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ. فَقَوْلُهُمْ ذَلِكَ إِخْبَارٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْمُفْلِسِ، لِأَنَّهُ عُرْفُهُمْ وَلُغَتُهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute