للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِنْجِيلِ، وَلَا عَلَى حَرْبِيٍّ وَلَا مُرْتَدٍّ، وَلَا يَصِحُّ عَلَى نَفْسِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِ وَاسْتَثْنَى الْأَكْلَ مِنْهُ مُدَّةَ حَيَّاتِهِ صَحَّ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَقِفَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي» . وَكُتُبُ الزَّنْدَقَةِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، (وَلَا عَلَى حَرْبِيٍّ وَلَا مُرْتَدٍّ) ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَهُمَا مُبَاحَةٌ فِي الْأَصْلِ، تَجُوزُ إِزَالَتُهَا فِيمَا يَتَجَدَّدُ لَهُمْ أَوْلَى، وَلِانْتِفَاءِ الدَّوَامِ لِأَنَّهُمَا مَقْتُولَانِ عَنْ قُرْبٍ.

تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَلَا عَلَى الْمَغَانِي، وَلَا التَّنْوِيرِ عَلَى قَبْرٍ وَتَبْخِيرِهِ، وَلَا عَلَى مَنْ يُقِيمُ عِنْدَهُ، أَوْ يَخْدِمُهُ، وَلَا وَقْفُ سُتُورٍ لِغَيْرِ الْكَعْبَةِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، فَيُصْرَفُ لِمَصْلَحَتِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ (وَلَا يَصِحُّ عَلَى نَفْسِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ، قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: لَا أَعْرِفُ الْوَقْفَ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ فِي سَبِيلِهِ، فَإِنْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ فَلَا أَعْرِفُهُ، فَعَلَيْهَا يَكُونُ بَاطِلًا، وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ إِمَّا لِلرَّقَبَةِ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْلِكَ نَفْسَهُ مِنْ نَفْسِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِمَنْ بَعْدَهُ فِي الْحَالِ، وَالثَّانِيَةُ: يَصِحُّ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُذْهَبِ " ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو الْمَعَالِي، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَقِفَ وَقْفًا فَيَنْتَفِعَ بِهِ، كَذَلِكَ إِذَا خَصَّ نَفْسَهُ بِانْتِفَاعِهِ، وَكَشَرْطِ غَلَّتِهِ لَهُ، وَمَتَى حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُنَفَّذُ حُكْمُهُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَهَلْ يُنَفَّذُ بَاطِنًا؟ فِيهِ خِلَافٌ.

(وَإِنْ وُقِفَ عَلَى غَيْرِهِ وَاسْتَثْنَى) كُلَّ الْغَلَّةِ أَوْ بَعْضَهَا لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ (الْأَكْلُ مِنْهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ) أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً (صَحَّ) الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ «عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ أَنَّ فِي صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْكُلَ أَهْلُهُ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ» . وَشَرَطَ عُمَرُ أَكْلَ الْوَالِي عَلَيْهَا، وَكَانَ هُوَ الْوَالِي عَلَيْهَا، وَفَعَلَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ، فَلَمْ يَجُزِ اشْتِرَاطُ نَفْعِهِ لِنَفْسِهِ، كَالْبَيْعِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ شَرْطُهُ، فَإِنْ صَحَّ فَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَانَ لِوَرَثَتِهِ، وَيَصِحُّ إِجَارَتُهَا.

[الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقِفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُ]

(الثَّالِثُ أَنْ يَقِفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يُمْلَكُ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ فَلَمْ يَصِحَّ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>