للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانُوا أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا يَصِحُّ عَلَى الْكَنَائِسِ، وَبُيُوتِ النَّارِ، وَكِتَابَةِ التَّوْرَاةِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْجِهَةَ مَعْصِيَةٌ بِخِلَافِ أَقَارِبِهِ، وَإِنْ وَقَفَ ذَمِّيٌّ عَلَى ذَمِّيٍّ شَيْئًا وَشَرَطَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ مَا دَامَ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ - فَلَهُ أَخْذُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ عَيَّنَهُ لَهُ، وَيَلْغُو شَرْطُهُ، وَرَدَّهُ فِي " الْفُنُونِ ". وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْصِيَةً، فَيَصِحُّ فِي الْمُبَاحِ كَالْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ. وَقِيلَ: وَمَكْرُوهٌ.

فَائِدَةٌ: يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الصُّوفِيَّةِ، وَهُمُ الْمُشْتَغِلُونَ بِالْعِبَادَاتِ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ، الْمُعْرِضُونَ عَنِ الدُّنْيَا.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ جَمَّاعًا لِلْمَالِ، أَوْ لَمْ يَتَخَلَّقْ بِالْأَخْلَاقِ الْمَحْمُودَةِ، وَلَا تَأَدَّبَ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ غَالِبًا، أَوْ فَاسِقًا - لَمْ يَسْتَحِقَّ، وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْحَارِثِيُّ الْفَقْرَ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يَصِحُّ عَلَيْهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: مَا رَأَيْتُ صُوفِيًّا إِلَّا سَلْمًا الْخَوَّاصَ، قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، إِذْ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يُعْرَفُ بِهِ.

(وَلَا يَصِحُّ عَلَى الْكَنَائِسِ وَبُيُوتِ النَّارِ) وَالْبِيَعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ؛ لِكَوْنِ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ بَيْتٌ لِلْكُفْرِ، وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ سَوَاءٌ. قَالَ أَحْمَدُ فِي نَصَارَى وَقَفُوا عَلَى الْبَيْعَةِ ضِيَاعًا وَمَاتُوا وَلَهُمْ أَبْنَاءٌ نَصَارَى فَأَسْلَمُوا، وَالضِّيَاعُ بِيَدِ النَّصَارَى، فَلَهُمْ أَخْذُهَا وَلِلْمُسْلِمِينَ عَوْنُهُمْ حَتَّى يَسْتَخْرِجُوهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَحُكْمُ الْوَقْفِ عَلَى قَنَادِيلِ الْبِيعَةِ وَمَنْ يَخْدِمُهَا وَيَعْمُرُهَا كَالْوَقْفِ عَلَيْهَا، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "، وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بِشَرْطِ أَنْ تَخْدِمَ الْكَنِيسَةَ سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي، وَهُمَا نَصْرَانِيَّانِ، فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ قَبْلَ تَمَامِهَا - عُتِقَ فِي الْحَالِ. وَعَنْهُ: تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ.

وَعَنْهُ: لَا، وَهِيَ أَصَحُّ وَأَوْفَقُ لِأُصُولِهِ (وَكِتَابَةُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) لِلْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَإِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، وَقَدْ بُدِّلَ بَعْضُهَا، «غَضِبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ شَيْئًا اسْتَكْتَبَهُ مِنْهَا، وَقَالَ: أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! أَلَمْ آتِ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً؛، وَلَوْ كَانَ أَخِي

<<  <  ج: ص:  >  >>