للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِهِ، أَوْ رِبَاطَ فَرَسِهِ أَوْ وِكَاءَ زِقِّ مَائِعٍ أَوْ جَامِدٍ فَأَذَابَتْهُ الشَّمْسُ، أَوْ بَقِيَ بَعْدَ حَلِّهِ قَاعِدًا، فَأَلْقَتْهُ الرِّيحُ فَانْدَفَقَ، ضَمِنَهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ

وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً فِي طَرِيقٍ فَأُتْلِفَتْ، أَوِ اقْتَنَى كَلْبًا عَقُورًا فَعَقَرَ، أَوْ خَرَقَ ثَوْبًا ضَمِنَ، إِلَّا أَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَنْبِيهٌ: لَوْ دَفَعَ مِبْرَدًا إِلَى مُقَيَّدٍ فَبَرَدَ قَيْدَهُ، فَفِي تَضْمِينِ دَافِعِهِ وَجْهَانِ، وَلَا يَضْمَنُ دَافِعُ مِفْتَاحٍ إِلَى لِصٍّ؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ سَبَبٌ وَاللِّصَّ مُبَاشِرٌ، فَأُحِيلَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ غَرِمَ بِسَبَبِ كَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ وَلِيِّ أَمْرٍ فَلَهُ تَغْرِيمُ الْكَاذِبِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ يُحَالُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِحَالَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْمُبَاشِرِ كَمَنْ أَلْقَى شَخْصًا فِي زُبْيَةِ أَسَدٍ فَقَتَلَهُ الْأَسَدُ، أَوْ فِي بَحْرٍ فَابْتَلَعَهُ حُوتٌ (أَوْ) حَلَّ (وِكَاءَ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَمْدُودًا مَا يُسَدُّ بِهِ رَأْسُ الْقِرْبَةِ (زِقِّ مَائِعٍ أَوْ جَامِدٍ فَأَذَابَتْهُ الشَّمْسُ، أَوْ بَقِيَ بَعْدَ حَلِّهِ قَاعِدًا فَأَلْقَتْهُ الرِّيحُ فَانْدَفَقَ ضَمِنَهُ) لِأَنَّ فِعْلَهُ سَبَبُ تَلَفِهِ، لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ إِحَالَةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ جَرَحَ إِنْسَانًا فَأَفْضَى إِلَى تَلَفِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهُ إِنْسَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُبَاشِرٌ يُمْكِنُ إِحَالَةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ) وَزَلْزَلَةُ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُلْجِئٍ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ ضَمَانٌ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ إِنْسَانٌ، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يُضَمَّنُ فِيمَا أَذَابَتْهُ الشَّمْسُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُلْجِئٍ مَعَ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي مَنْقُوضٌ بِمَا إِذَا أَذَابَتْهُ الشَّمْسُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ فِيهِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ.

فَرْعٌ: لَوْ حَبَسَ مَالِكٌ دَوَابَّ فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنِ الْحَابِسُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْحَبْسِ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ.

[رَبْطُ دَابَّةٍ فِي طَرِيقٍ فَأُتْلِفَتْ]

(وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً فِي طَرِيقٍ فَأُتْلِفَتْ) ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالرَّبْطِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْوَاسِعِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ فِي الْوَاسِعِ إِذَا لَمْ تَكُنْ يَدُ صَاحِبِهَا عَلَيْهَا رِوَايَتَانِ، وَفِي الضَّيِّقِ يَضْمَنُ وَلَوْ بِرِجْلِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَمَنْ ضَرَبَهَا إِذَنْ فَرَفَسَتْهُ فَمَاتَ ضَمِنَهُ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُنُونِ "، وَمِثْلُهُ لَوْ تَرَكَ فِيهِ طِينًا، أَوْ خَشَبَةً، أَوْ حَجَرًا، أَوْ كِيسَ دَرَاهِمَ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَبِإِسْنَادِ خَشَبَةٍ إِلَى حَائِطٍ (أَوِ اقْتَنَى كَلْبًا عَقُورًا فَعَقَرَ، أَوْ خَرَقَ ثَوْبًا ضَمِنَ) نُصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِاقْتِنَائِهِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ) فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يَضْمَنْهُ الْمُقْتَنِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ الْآذِنُ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى تَلَفِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إِذَا كَانَ الْكَلْبُ مُوثَقًا لَمْ يَضْمَنْ مَا عَقَرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا أَتْلَفَ شَيْئًا بِغَيْرِ الْعَقْرِ، كَمَا لَوْ وَلَغَ أَوْ بَالَ فِي إِنَاءِ إِنْسَانٍ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ الْكَلْبَ الْعَقُورَ (وَقِيلَ: فِي الْكَلْبِ رِوَايَتَانِ) إِحْدَاهُمَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ اقْتِنَاءَهُ سَبَبٌ لِلْعَقْرِ وَأَذًى

<<  <  ج: ص:  >  >>