للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِذْنِهِ.

فَإِنْ دَعَا كَافِرٌ إِلَى الْبِرَازِ، اسْتُحِبَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ، فَإِنْ شَرَطَ الْكَافِرُ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ الْخَارِجِ إِلَيْهِ، فَلَهُ شَرْطُهُ، فَإِنِ انْهَزَمَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَكِنْ نُصَّ إِذَا كَانَ مَوْضِعًا مَخُوفًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ حَرَامٌ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " الْكَرَاهَةُ. وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَمَحَلُّهُ: مَا لَمْ يَفْجَأْهُمُ الْعَدُوُّ. قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ ".

[حُكْمُ الْمُبَارِزَةِ]

(فَإِنْ دَعَا كَافِرٌ) وَفِي " الْبُلْغَةِ " مُطْلَقًا (إِلَى الْبِرَازِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ: عِبَارَةٌ عَنْ مُخَاصَمَةِ الْعَدُوِّ، وَبِفَتْحِهَا: اسْمٌ لِلْفَضَاءِ الْوَاسِعِ. (اسْتُحِبَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ) لِمُبَارَزَةِ الصَّحَابَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُ.

قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادَةَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا فِي قَوْله تَعَالَى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: ١٩] أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةَ، وَعَلِيٍّ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَعُتْبَةَ، وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ عَلِيٌّ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مُبَارَزَتِنَا يَوْمَ بَدْرٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَكَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَبَارَزَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ مَرْزُبَانَ الدَّارَةَ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ، فَبَلَغَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَلِأَنَّ فِي الْإِجَابَةِ إِلَيْهَا إِظْهَارًا لِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَجَلَدِهِمْ عَلَى الْحَرْبِ. وَظَاهِرُهُ إِذَا لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ فَيَكُونُ لِمَا فِيهِ مَنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلِهِ ظَاهِرًا، وَلَوْ طَلَبَهَا الشُّجَاعُ ابْتِدَاءً، فَاحْتِمَالَانِ، فِي " الْفُصُولِ " (فَإِنْ شَرَطَ الْكفارُ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ الْخَارِجِ إِلَيْهِ) أَوْ كَانَ هُوَ الْعَادَةَ (فَلَهُ شَرْطُهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» وَالْعَادَةُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ. وَيَجُوزُ رَمْيُهُ وَقَتْلُهُ قَبْلَ الْمُبَارَزَةِ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا عَهْدَ لَهُ، وَلَا أَمَانَ فَأُبِيحَ قَتْلُهُ كَغَيْرِهِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>