الْمُسْلِمُ، أَوْ أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ، جَازَ الدَّفْعُ عَنْهُ وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُ، فَلَهُ سَلَبُهُ، وَكُلُّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ غَيْرَ مَخْمُوسٍ إِذَا قَتَلَهُ حَالَ الْحَرْبِ مُنْهَمِكًا عَلَى الْقِتَالِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جَارِيَةً بَيْنَهُمْ أَنَّ مَنْ خَرَجَ يَطْلُبُ الْمُبَارَزَةَ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ، فَيَعْمَلُ بِهَا (؛ فَإِنِ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُ) تَارِكًا لِلْقِتَالِ (أَوْ أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ، جَازَ) لِكُلِّ مُسْلِمٍ (الدَّفْعُ عَنْهُ) وَيَقْتُلُ الْكَافِرَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا صَارَ إِلَى هَذِهِ الْحَالِ، فَقَدِ انْقَضَى قِتَالُهُ، وَالْأَمَانُ زَالَ بِزَوَالِ الْقِتَالِ؛ لِأَنَّ حَمْزَةَ، وَعَلِيًّا أَعَانَا عُبَيْدَةَ فِي قَتْلِ شَيْبَةَ حِينَ أُثْخِنَ عُبَيْدَةُ، وَإِنْ أَعَانَ الْكُفَّارُ صَاحِبَهُمْ، فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُعِينُوا صَاحِبَهُمْ، وَيُقَاتِلُوا مَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ، إِلَّا الْمُبَارَزَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ.
فَائِدَةٌ: كَرِهَ أَحْمَدُ التَّلَثُّمَ فِي الْقِتَالِ، وَعَلَى أَنْفِهِ، وَلَهُ لُبْسُ عَلَامَةٍ كَرِيشِ نَعَامٍ،. وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ لِلشُّجَاعِ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي " الْفُصُولِ ".
(وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُ، فَلَهُ سَلَبُهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ لَهُ سَلَبُ الْمَقْتُولِ (وَكُلُّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ) لِمَا رَوَى أَنَسٌ، وَسَمُرَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا، وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ السَّلَبَ لِكُلِّ قَاتِلٍ، سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَحِقُّ سَهْمًا أَوْ رَضْخًا، كَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُشْرِكِ، وَهُوَ وَجْهٌ. وَخَصَّهُ فِي " الْوَجِيزِ " بِالْقَاتِلِ الْمُسْلِمِ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ السَّهْمَ آكَدُ مِنْهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّهُ فَالسَّلَبُ أَوْلَى، وَفِي " الْإِرْشَادِ " أَنَّ مَنْ بَارَزَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ فَلَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ. وَقَطَعَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " بِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا بَارَزَ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ عَاصٍ، وَكَذَا كُلُّ عَاصٍ، كَمَنْ دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْأَمِيرِ، وَعَنْهُ فِيمَنْ دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخُمُسُ، وَبَاقِيهِ لَهُ، كَالْغَنِيمَةِ، وَيُخْرِجُ فِي الْعَبْدِ مِثْلَهُ، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِالْغَنِيمَةِ آكَدُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute