للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ مُثْخَنٍ وَغَرَّرَ بِنَفْسِهِ فِي قَتْلِهِ. وَعَنْهُ: لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا مَنْ شُرِطَ لَهُ، فَإِنْ قَطَّعَ أَرْبَعَتَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِلْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ السَّلَبِ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهُ كَالنَّفْلِ، لَا يُسْتَحَقُّ إِلَّا بِالشَّرْطِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مِمَّنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ كَالْمُرْجِفِ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِي السَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ. (غَيْرَ مَخْمُوسٍ) لِمَا رَوَى عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي السَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، وَلَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ احْتُسِبَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَلِأَنَّ سَبَبَهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ كَسَهْمِ الْفَارِسِ. (إِذَا قَتَلَهُ حَالَ الْحَرْبِ) فَلَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ انْقِضَائِهَا، فَلَا سَلَبَ لَهُ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَقَفَ عَلَى أَبِي جَهْلٍ، وَقَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ، فَإِنْ كَانَتِ الْحَرْبُ قَائِمَةً، فَانْهَزَمَ أَحَدُهُمْ، فَقَتَلَهُ إِنْسَانٌ فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّهَا كَرٌّ وَفَرٌّ، «لِأَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ قَتَلَ طَلِيعَةَ الْكُفَّارِ، وَهُوَ مُنْهَزِمٌ، فَقَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَلَبِهِ لَهُ أَجْمَعَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلَوْ أَثْخَنَهُ بِالْجِرَاحِ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَقْتُولِ (مُنْهَمِكًا عَلَى الْقِتَالِ) أَيْ: مُقْبِلًا عَلَى الْقِتَالِ، فَإِنْ كَانَ مُنْهَزِمًا فَلَا سَلَبَ لَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُغَرِّرْ بنفسه فِي قَتْلِهِ. وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَ " الْبُلْغَةِ " إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ، أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا سَمِعْنَا: لَهُ سَلَبُهُ فِي الْمُبَارَزَةِ وَإِذَا الْتَقَى الزَّحْفَانِ. وَظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ صَبِيًّا أَوِ امْرَأَةً، وَقَطَعَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " لِجَوَازِ قَتْلِهِمْ إِذًا، وَفِي الْآخَرِ: لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، وَأَطْلَقَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ كَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ، مِمَّنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ قَاتِلُهُ سَلَبَهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ. (غَيْرَ مُثْخَنٍ) أَيْ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ فِيهِ مَنَعَةٌ، فَلَوْ كَانَ مُثْخَنًا بِالْجِرَاحِ، وَقَتَلَهُ آخَرُ فَلَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلِعَدَمِ التَّغْرِيرِ (وَغَرَّرَ بِنَفْسِهِ فِي قَتْلِهِ) أَيْ: بِأَنْ يَقْتُلَهُ حَالَ الْمُبَارَزَةِ، وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ. فَلَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ مِنْ جَانِبٍ أَوْ أَغْرَى بِهِ كَلْبًا عَقُورًا، فَقُتِلَ، فَلَا سَلَبَ، وَيَكُونُ غَنِيمَةً. وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>