للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَتَلَهُ آخَرُ، فَسَلَبُهُ لِلْقَاطِعِ، وَإِنْ قَتَلَهُ اثْنَانِ، فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ لَهُمَا، وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مِنْهُمَا شَرْطٌ. وَقَوَّى الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ كُلَّهَا تَرْجِعُ إِلَى التَّغْرِيرِ، وَأَنَّ الْقَاتِلَ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ، قَالَ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَقُلْهُ، وَصَرَّحَ بِهِ " الْخِرَقِيُّ " وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (وَعَنْهُ: لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا مَنْ شُرِطَ لَهُ) اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي " الِانْتِصَارِ " وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ، وَأَخَذَهَا الْقَاضِي مِنْ قَوْلِ أَحْمَدَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَنَالَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ عَوْفًا قَالَ لِخَالِدٍ: «أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذا مِنْ قَضَايَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَامَّةِ الْمَشْهُورَةِ، وَأَنَّهُ حُكْمٌ مُسْتَمِرٌّ لِكُلِّ قَاتِلٍ.

(فَإِنْ قَطَعَ أَرْبَعَتَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ، فَسَلَبُهُ لِلْقَاطِعِ) وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى مُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ سَلَبَ أَبِي جَهْلٍ، وَلَمْ يُعْطِهِ ابْنَ مَسْعُودٍ مَعَ أَنَّهُ تَمَّمَ قَتْلَهُ؛ لِأَنَّ الْقَاطِعَ هُوَ الَّذِي كَفَى الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُ. (وَإِنْ قَتَلَهُ اثْنَانِ؛ فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ) فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُشْرِكْ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي سَلَبٍ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالتَّغْرِيرِ فِي قَتْلِهِ، وَلَا يَحْصُلُ بِالِاشْتِرَاكِ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ غَنِيمَةً، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ (وَقَالَ الْقَاضِي) وَالْآجُرِّيُّ: (هُوَ لَهُمَا) أَيْ: يَشْتَرِكَانِ فِي سَلَبِهِ، لِعُمُومِ مَنْ «قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» وَلِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي السَّبَبِ، فَيَشْتَرِكَانِ فِي السَّلَبِ. فَلَوِ اشْتَرَكَا فِي ضَرْبِهِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَبْلَغَ فِي قَتْلِهِ مِنَ الْآخَرِ، فَلَهُ سَلَبُهُ (وَإِنْ أَسَرَهُ فَقَتَلَهُ الْإِمَامُ) أَوْ غَيْرُهُ (فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ) لِأَنَّ الَّذِي أَسَرَهُ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَالْغَيْرُ لَمْ يُغَرِّرْ بِنَفْسِهِ فِي قَتْلِهِ. وَكَذَا لَوِ اسْتَحْيَاهُ الْإِمَامُ فَرِقِّيَّتُهُ إِنْ رَقَّ، وَفِدَاؤُهُ إِنْ فُدِيَ غَنِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَسَرَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ أَسْرَى، فَقَتَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ وَاسْتَبْقَى، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>