أَسَرَهُ فَقَتَلَهُ الْإِمَامُ؛ فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ، وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ لِمَنْ أَسَرَهُ، وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ لِلْقَاتِلِ. وَالسَّلَبُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ثِيَابٍ وَحُلِيٍّ وَسِلَاحٍ وَالدَّابَّةُ بِآلَتِهَا. وَعَنْهُ: أَنَّ الدَّابَّةَ لَيْسَتْ مِنَ السَّلَبِ. وَنَفَقَتُهُ وَخَيْمَتُهُ وَرَحْلُهُ غَنِيمَةٌ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَعْطَى أَحَدًا مِمَّنْ أَسَرَهُمْ سَلَبًا، وَلَا فِدَاءً (وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ لِمَنْ أَسَرَهُ) لِأَنَّ الْأَسْرَ أَصْعَبُ مِنَ الْقَتْلِ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ السَّلَبَ بِهِ كَانَ تَنْبِيهًا عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ بِالْأَسْرِ. (وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ، فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِقَتْلِهِ، وَلَمْ يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّهُ مُثْخَنٌ بِالْجِرَاحِ (وَقِيلَ: هُوَ لِلْقَاتِلِ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ لِلْقَاطِعِ؛ لِأَنَّهُ عَطَّلَهُ كَقَتَلَهُ، فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَطَعَ مِنْهُ يَدًا أَوْ رِجْلًا، ثُمَّ قَتَلَهُ آخَرُ، فَسَلَبُهُ لِلْقَاتِلِ، كَمَا لَوْ عَانَقَهُ فَقَتَلَهُ، أَوْ كَانَ الْكَافِرُ مُقْبِلًا عَلَى مُسْلِمٍ، فَقَتَلَهُ آخَرُ مَنْ وَرَائِهِ، وَقِيلَ: غَنِيمَةٌ لِعَدَمِ الِانْفِرَادِ بِقَتْلِهِ.
تَنْبِيهٌ: لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْقَتْلِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُعْطَى السَّلَبُ لِمَنْ قَالَ: أَنَا قَتَلْتُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَبِلَ قَوْلَ أَبِي قَتَادَةَ، وَجَوَابُهُ الْخَبَرُ الْآخَرُ، وَبِأَنَّ خَصْمَهُ أَقَرَّ لَهُ، فَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: يُقْبَلُ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَحَكَى فِي " الشَّرْحِ " احْتِمَالًا: يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدٌ بِغَيْرِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَبِلَ قَوْلَ الَّذِي شَهِدَ لِأَبِي قَتَادَةَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَ الْبَيِّنَةَ، وَإِطْلَاقُهَا يَنْصَرِفُ إِلَى شَاهِدَيْنِ، وَكَقَتْلِ الْعَمْدِ.
(وَالسَّلَبُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ثِيَابٍ) وَعِمَامَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَدِرْعٍ. (وَحُلِيٍّ) كَسِوَارٍ، وَمِنْطَقَةٍ ذَهَبٍ وَرَانٍ وَتَاجٍ. (وَسِلَاحٍ) كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَقَوْسٍ وَلْتٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهَا فِي حَرْبِهِ، فَهُوَ أَوْلَى بِالْأَخْذِ مِنَ الثِّيَابِ، وَعَنْهُ فِي السَّيْفِ: لَا أَدْرِي. (وَالدَّابَّةُ بِآلَتِهَا) أَيْ: مِنَ السَّلْبِ لِحَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَلِأَنَّ الدَّابَّةَ يُسْتَعَانُ بِهَا فِي الْحَرْبِ كَالسِّلَاحِ، وَآلَتُهَا كَلِجَامٍ، وَسَرْجٍ، وَلَوْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا كَانَ مَحْمُولًا عَلَيْهَا مِنْ دَرَاهِمَ، وَنَحْوِهِ لَا يَدْخُلُ (وَعَنْهُ: أَنَّ الدَّابَّةَ لَيْسَتْ مِنَ السَّلَبِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute