للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ، فَإِنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ، أَجْزَأَهُ مَا عَيَّنَهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ إِيصَالُهُ إِلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ إِلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُ بِمَوْضِعٍ سِوَاهُ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ضَعِيفَةٌ، وَالشَّعَرُ يَسْتُرُ مَوْضِعَهُ. قَالَ أَحْمَدُ: الْبُدْنُ تُشَعَّرُ وَالْغَنَمُ تُقَلَّدُ.

[نَذْرُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ]

(وَإِنْ نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا) كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ - تَعَالَى - عَلَيَّ هَدْيٌ (فَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُهُ شَاةٌ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ) لِأَنَّ الْمُطْلَقَ فِي النَّذْرِ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْهُودِ الشَّرْعِيِّ، وَالْهَدْيُ الْوَاجِبُ فِي الشَّرْعِ مِنَ النِّعَمِ مَا ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] (وَإِنْ نَذَرَ بَدَنَةً أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ) لِإِجْزَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ، وَلِمُوَافَقَتِهَا لَهَا اشْتِقَاقًا وَفِعْلًا. (فَإِنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ) بِأَنْ قَالَ: هَذَا لِلَّهِ عَلَيَّ (أَجْزَأَهُ مَا عَيَّنَهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا) سَلِيمًا كَانَ أَوْ مَرِيضًا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَهُ، فَيَبْرَأُ بِصَرْفِهِ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ (مِنَ الْحَيَوَانِ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا. فَلَوْ نَذَرَ جَذَعَةً، وَأَخْرَجَ ثَنِيَّةً فَقَدْ أَحْسَنَ (وَغَيْرُهُ) سَوَاءٌ كَانَ مَنْقُولًا، أَوْ غَيْرُهُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً» (وَعَلَيْهِ إِيصَالُهُ إِلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ) لِأَنَّهُ سَمَّاهُ هَدْيًا فَيُحْمَلُ عَلَى الْمَشْرُوعِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣] ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَالْمُطْلَقِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَنْقُولِ، نَقَلَ الْمَرْوَذِيُّ فِيمَنْ جَعَلَ دَرَاهِمَ هَدْيًا، فَلِلْحَرَمِ. وَفِي " التَّعْلِيقِ " وَ " الْمُفْرَدَاتِ " وَهُوَ ظَاهِرُ " الرِّعَايَةِ " لَهُ: يَبْعَثُ عَنِ الْمَنْقُولِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَوْ يُقَوِّمُهُ وَيَبْعَثُ الْقِيمَةَ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَنْقُولِ كَالْعَقَارِ وَنَحْوِهِ، بَاعَهُ وَبَعَثَ بِثَمَنِهِ إِلَيْهِمْ لِتَعَذُّرِ إِهْدَائِهِ بِعَيْنِهِ، فَانْصَرَفَ إِلَى بَدَلِهِ، يُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنِ امْرَأَةٍ نَذَرَتْ أَنْ تُهْدِيَ دَارًا، فَقَالَ: تَبِيعُهَا، وَتَصَّدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ (إِلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُ بِمَوْضِعٍ سِوَاهُ) إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَذْبَحَ بِالْأَبْوَاءِ. قَالَ: بِهَا صَنَمٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ» ، وَلِأَنَّهُ قَصَدَ نَفْعَ أَهْلِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ إِيصَالُهُ إِلَيْهِمْ كَأَهْلِ مَكَّةَ، فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ بِهِ ذَبْحًا، وَيُفَرِّقُهُ لِفُقَرَائِهِ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ هَدْيِهِ) التَّطَوُّعِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٢٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>