فَصْلٌ السَّادِسُ: خِيَارٌ يَثْبُتُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ، وَلَا بُدَّ فِي جَمِيعِهَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُشْتَرِي رَأْسَ الْمَالِ، وَمَعْنَى التَّوْلِيَةِ: الْبَيْعُ بِرَأْسِ الْمَالِ فَيَقُولُ: وَلَّيْتُكَهُ أَوْ بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، بِمَا اشْتَرَيْتُهُ، أَوْ بِرَقْمِهِ، وَالشَّرِكَةُ: بَيْعُ بَعْضِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[السَّادِسُ خِيَارٌ يَثْبُتُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ]
فَصْلٌ (السَّادِسُ: خِيَارٌ يَثْبُتُ فِي التَّوْلِيَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْمُرَابَحَةِ، وَالْمُوَاضَعَةِ) هَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْبَيْعِ، وَاخْتُصَّتْ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ كَاخْتِصَاصِ السَّلَمِ، وَالْمُشْتَرِي قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الشِّرَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَوْقَعَهُ لِكَوْنِهِ حَالِفًا أَوْ وَصِيًّا فِي الشِّرَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُشْتَرِي رَأْسَ الْمَالِ) لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الثَّمَنِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَالْعِلْمُ بِالثَّمَنِ شَرْطٌ، فَمَتَى فَاتَ لَمْ يَصِحَّ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَخَصَّ الْمُشْتَرِي بِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَمَتَى جَهِلَاهُ، أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يَصِحَّ، فَلَوْ نَسِيَ الْبَائِعُ رَأْسَ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً بَلْ مُسَاوَمَةً؛ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَكُنْ عَالِمًا أَوْ ظَانًّا بِذَلِكَ كَانَ كَاذِبًا (وَمَعْنَى التَّوْلِيَةِ) فِي الْأَصْلِ تَقْلِيدُ الْعَمَلِ يُقَالُ: وَلِيَ فُلَانٌ الْقَضَاءَ، وَالْعَمَلَ الْفُلَانِيَّ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ هُنَا فِي (الْبَيْعِ بِرَأْسِ الْمَالِ فَيَقُولُ: وَلَّيْتُكَهُ، أَوْ بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ) وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ عَلَى أَنَّ لِلتَّوْلِيَةِ لَفْظَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: صَرِيحُ لَفْظِهَا.
وَالثَّانِي: لَفْظُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي مَعْنَاهُ فَإِذَا قَالَ: بِعْتُكَ (بِمَا اشْتَرَيْتُهُ، أَوْ بِرَقْمِهِ) الْمَعْلُومِ، صَحَّ أَشْبَهَ مَا لَوْ عَيَّنَ الثَّمَنَ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الرَّقْمِ، وَهُوَ الثَّمَنُ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا لَهُمَا حَالَ الْعَقْدِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ دَفَعَ ثِيَابًا إِلَى قِصَارٍ، وَأَمَرَهُ بِرَقْمِهَا فَرَقَمَ ثَمَنَهَا عَلَيْهَا، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يَرْقُمَهَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا فَعَلَ الْقَصَّارُ، (وَالشَّرِكَةُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَيَصِحُّ بِقَوْلِهِ: أَشْرَكْتُكَ فِي نِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ) لِأَنَّهُ لَفْظٌ مَوْضُوعٌ لِلشَّرِكَةِ حَقِيقَةً، فَصَحَّ بِهِ فَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ نِصْفَهُ بِنِصْفِ رَأْسِ مَالِهِ، صَحَّ لِإِفَادَتِهِ الْمَقْصُودَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute