مَعْدُودَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ، وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَنْهُ: لَا كَفَّارَةَ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، كَمَا لَوْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَفِي وَصْلِ الْقَضَاءِ وَتَتَابُعِهِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: يَسْتَأْنِفُ مُتَتَابِعًا، أَوْ يَبْنِي وَيُكَفِّرُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا جُنَّ جَمِيعَ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهُ عَلَى الْأَصَحِّ َلَمْ يُكَفِّرْ، وَإِنْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيعَ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ، كَمَا لَوْ حَاضَتْ فِي رَمَضَانَ، وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ.
[حُكْمُ نَذْرِ الصَّوْمِ]
(وَإِذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ) خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا بِالْهِلَالِ، وَبَيْنَ أَنْ يَصُومَ بِالْعَدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (لَزِمَهُ التَّتَابُعُ) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، لِأَنَّ إِطْلَاقَ الشَّهْرِ يَقْتَضِي التَّتَابُعَ، وَكَمَنَ نَوَاهُ، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ، لِأَنَّ الشَّهْرَ يَقَعُ عَلَى مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ، أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا نِيَّةٌ، كَمَا لَوْ نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: إِنْ قَطَعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَ، وَبِعُذْرٍ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ، وَيُتِمُّ ثَلَاثِينَ وَيُكَفِّرُ (وَإِنْ نَذَرَ صِيَامَ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ) وَلَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (لَمْ يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ) نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الْبَنَّا: رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ، لِأَنَّ الْأَيَّامَ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى التَّتَابُعِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] ، وَعَنْهُ فِيمَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَصُومُهَا مُتَتَابِعًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْذُورَةِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، قَالَ فِي الْكَافِي: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ نَوَى التَّتَابُعَ (إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ) فَيَلْزَمُهُ لِلْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا هَلْ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فِيمَا دُونَ الثَلَاثِينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، صَحَّحَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كَلَامُ أَحْمَدَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فِي الْعَشَرَةِ دُونَ الثَلَاثِينَ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ، وَإِنْ شَرَطَ تَفْرِيقَهَا لَزِمَهُ فِي الْأَقْيَسِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ لَزِمَهُ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ رَمَضَانُ وَالْأَيَّامُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا، فَإِنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ لَمْ يَقْضِهِ وَيُكَفِّرُ، وَإِنْ لَزِمَهُ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ كَفَّارَةٌ قَدَّمَهُ عَلَى النَّذْرِ، وَإِذَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَكَانَتْ كَفَّارَتُهُ الصِّيَامُ احْتُمِلَ أَنْ لَا تَجِبَ، وَاحْتُمِلَ أَنْ تَجِبَ، وَلَا تَجِبُ بِفِعْلِهَا كَفَّارَةٌ، (وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا) غَيْرَ مُعَيَّنٍ (فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ قَضَى لَا غَيْرَ) كَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، وَالْمَرَضُ وَالْحَيْضُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، فَلَمْ يَجِبْ الِاسْتِئْنَافُ لِبَقَاءِ التَّتَابُعِ حُكْمًا، وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِاسْتِئْنَافِ مُتَتَابِعًا بِلَا كَفَّارَةٍ، وَبَيْنَ الْبِنَاءِ وَقَضَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute