يَوْمٍ، ثُمَّ سَافَرَ أَثْنَاءه فَلَهُ الْفِطْرُ وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ
وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا، وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا، وَأَطْعَمَتَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا
وَمَنْ نَوَى قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النَّهَارِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ نَوَى الْحَاضِرُ صَوْمَ يَوْمٍ ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَالْأَخْبَارِ الصَّرِيحَةِ مِنْهَا مَا رَوَى عُبَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ مِنَ الْفُسْطَاطِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَرَّبَ غَدَاءَهُ، فَقَالَ: اقْتَرِبْ، قُلْتُ: أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ؟ قَالَ: أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَأَكَلَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلِأَنَّ السَّفَرَ يُبِيحُ الْفِطْرَ، فَأَبَاحَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ كَالْمَرَضِ الطَّارِئِ وَلَوْ بِفِعْلِهِ، وَالصَّلَاةُ لَا يَشُقُّ إِتْمَامُهَا، وَهِيَ آكَدُ لِأَنَّهَا مَتَى وَجَبَ إِتْمَامُهَا لَمْ يَقْصُرْ بِحَالٍ وَتَرْكُ الْفِطْرِ أَفْضَلُ سَوَاءٌ سَافَرَ طَوْعًا أَوْ كُرْهًا، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، فَيُعَايَا بِهَا. وَلَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ قَبْلَ خُرُوجِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسَافِرًا (وَعَنْهُ: لَا يُبَاحُ) وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ تَخْتَلِفُ بِالسَّفَرِ، وَالْحَضَرِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا غَلَبَ حُكْمُ الْحَضَرِ كَالصَّلَاةِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ بِجِمَاعٍ لِآكَدِيَّتِهِ، فَعَلَى الْمَنْعِ يُكَفِّرُ مَنْ وَطِئَ، وَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ كَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ ثُمَّ جَامَعَ.
[صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ]
(وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا) الضَّرَرَ (عَلَى أَنْفُسِهِمَا) كُرِهَ لَهُمَا الصَّوْمُ، وَيُجْزِئُ فَإِنْ (أَفْطَرَتَا وقَضَتَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ كَالْمَرِيضِ إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَلِقُدْرَتِهِمَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ. قَالَ أَحْمَدُ: أَقُولُ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَنْعِ الْقَضَاءِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا إِطْعَامَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ فِطْرٌ أُبِيحَ لِعُذْرٍ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ كَفَّارَةٌ كَالْمَرِيضِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً (وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَفْطَرَتَا) لِأَنَّ خَوْفَهُمَا خَوْفٌ عَلَى آدَمِيٍّ أَشْبَهَ خَوْفَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا (وَقَضَتَا) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] ، وَكَسَائِرِ الْمَرْضَى (وَأَطْعَمَتَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: ١٨٤] الْآيَةَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّهُ إِفْطَارٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute