رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ. وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ، وَإِنْ نَوَى الْحَاضِرُ صَوْمَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
السَّلَامُ -: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» وَعُمَرُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَأْمُرَانِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ، وَحَمْلُهَا عَلَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُ من غير كَرَاهَةً، وَقَدْ سَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الصَّوْمِ فِيهِ لِمَنْ قَوِيَ فَقَالَ: لَا يَصُومُ. وَحَكَاهُ الْمَجْدُ عَنِ الْأَصْحَابِ. قَالَ: وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ لِمَنْ قَوِيَ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ. وَلَيْسَ الصَّوْمُ فِيهِ أَفْضَلَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُخْصَةِ الْقَصْرِ أَنَّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا تَبْرَأُ بِهَا الذِّمَّةُ، وَرُدَّ بِصَوْمِ الْمَرِيضِ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَا فِي رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ) مِنْ قَضَاءٍ وَفِدْيَةٍ وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّ الْفِطْرَ أُبِيحَ تَخْفِيفًا وَرُخْصَةً، فَإِذَا لَمْ يَرُدَّهُ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِالْأَصْلِ كَالْجُمُعَةِ، وَكَالْمُقِيمِ الصَّحِيحِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَ صَوْمًا مِنَ الْمَعْذُورِ، لَقَبِلَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَسَائِرِ الزَّمَانِ الْمُتَضَيِّقِ لِلْعِبَادَةِ، فَلَوْ نَوَى صَوْمًا غَيْرَ رَمَضَانَ فَهَلْ يَقَعُ بَاطِلًا أَمْ يَقَعُ مَا نَوَاهُ؛ هِيَ مَسْأَلَةُ تَعْيِينِ النِّيَّةِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا خَافَ مَنْ بِهِ شَبَقٌ تَشَقُّقَ أُنْثَيَيْهِ، أَوْ بِهِ مَرَضٌ يُنْتَفَعُ فِيهِ بِوَطْءٍ سَاغَ لَهُ الْوَطْءُ، وَقَضَى بِلَا كَفَّارَةٍ، نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ إِنْ لَمْ تَنْدَفِعْ شَهْوَتُهُ بِغَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا إِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ لَا يُفْسِدَ صَوْمَ زَوْجَتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ لِلضَّرُورَةِ، فَوَطْءُ صَائِمَةٍ أَوْلَى مِنْ حَائِضٍ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ لِدَوَامِ شَبَقِهِ فَكَكَبِيرٍ عَجَزَ عَنْهُ.
(وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ) لِفِطْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْجِمَاعِ، لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْأَكْلُ لَهُ الْجِمَاعُ كَمَنْ لَمْ يَنْوِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِنِيَّةِ الْفِطْرِ فَيَقَعُ الْجِمَاعُ بَعْدَهُ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ بِالْجِمَاعِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى السَّفَرِ، فَعَلَيْهَا إِنْ جَامَعَ كَفَّرَ، وَالْمَذْهَبُ: لَا. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute