أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. وَالْمَرِيضُ إِذَا خَافَ الضَّرَرَ وَالْمُسَافِرُ اسْتُحِبَّ لَهُمَا الْفِطْرُ، وَإِنْ صَامَا، أَجْزَأَهُمَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَا فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَفْطَرَ) أَيْ: لَهُ ذَلِكَ إِجْمَاعًا (وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: ١٨٤] لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هِيَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ لَا يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمَ يُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذٍ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَالْمُرَادُ بِالْإِطْعَامِ: مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ، فَلَوْ كَانَ الْكَبِيرُ مُسَافِرًا وَمَرِيضًا فَأَفْطَرَ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي " الْخِلَافِ " وَلَا قَضَاءَ لِلْعَجْزِ عَنْهُ، وَيُعَايَا بِهَا، وَإِنْ أَطْعَمَ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ، فَكَمَعْضُوبٍ حُجَّ عَنْهُ ثُمَّ عُوفِيَ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ.
(وَالْمَرِيضُ إِذَا خَافَ الضَّرَرَ وَالْمُسَافِرُ) وَهُوَ مَنْ لَهُ الْقَصْرُ (اسْتُحِبَّ لَهُمَا الْفِطْرُ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] أَيْ: فَأَفْطَرَ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ» وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَلِأَنَّ فِيهِ قَبُولَ الرُّخْصَةِ مَعَ التَّلَبُّسِ بِالْأَخَفِّ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَا خُيِّرْتُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَرْتُ أَيْسَرَهُمَا» وَيُشْتَرَطُ لَهُ أَنْ يَخَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ بُطْءَ بُرْئِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ لَمْ يُفْطِرْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الرِّعَايَةِ " فِي وَجَعِ رَأْسٍ وَحُمَّى، ثُمَّ قَالَ: إِلَّا أَنْ يُنْضَرَ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ؟ قَالَ: إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ قِيلَ: مِثْلُ الْحُمَّى؟ قَالَ: وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنَ الْحُمَّى. فَلَوْ خَافَ تَلَفًا بِصَوْمِهِ كُرِهَ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِي الْإِجْزَاءِ (وَإِنْ صَامَا أَجْزَأَهُمَا) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الْمُسَافِرِ: لَا يُعْجِبُنِي، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute