يُصْرَفُ فِي أَرْبَعِ جِهَاتٍ: فِي الْأَقَارِبِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَعَنْهُ: فِدَاءُ الْأَسْرَى مَكَانَ الْحَجِّ وَإِنْ وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ، صُرِفَ فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَنْفَدَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسَائِلُ: إِذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ، صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ، فَلَوْ رَدَّهَا، أَوْ وَهَبَ الْخِدْمَةَ، عَتَقَ فِي الْحَالِ، وَفِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، خِلَافُهُ، وَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِأَلْفٍ، فَأَعْتَقُوا نَسَمَةً بِخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَهُمْ عِتْقُ أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ قَالَ: أَرْبَعَةٌ بِكَذَا، جَازَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا مَعْلُومًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ وَصَّى أَنْ يَشْتَرِيَ فَرَسًا لِلْغَزْوِ بِمُعَيَّنٍ، فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ، فَبَاقِيهِ نَفَقَةٌ لَا إِرْبَ فِي الْمَنْصُوصِ.
[إِذَا وَصَّى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ صَرَفَهُ فِي الْقُرَبِ]
(وَإِنْ وَصَّى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ صَرَفَهُ فِي الْقُرَبِ) كُلِّهَا، اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لِلْعُمُومِ فَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ إِلَّا بِدَلِيلٍ (وَقِيلَ عَنْهُ) أَيْ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ (يُصْرَفُ فِي أَرْبَعِ جِهَاتٍ فِي الْأَقَارِبِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْحَجِّ، وَالْجِهَادِ) قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَهِيَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ أَبْوَابَ الْبِرِّ، وَإِنْ كَانَتْ عَامَّةً إِلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُوصِي أَنَّهُ أَرَادَ الْمَشْهُورَ مِنْهَا، وَالْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ هِيَ أَشْهَرُ الْقُرَبِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ، وَالْمَسَاكِينُ مَصَارِفُ الصَّدَقَاتِ، وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ مِنْ أَكْبَرِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا سَوَاءٌ، لَكِنَّ الْغَزْوَ أَفْضَلُهَا، فَيُبْدَأُ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ (وَعَنْهُ فِدَاءُ الْأَسْرَى مَكَانَ الْحَجِّ) لِأَنَّ فِدَاءَهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ مَنْفَعَةَ الْمُخَلَّصِ، وَنَفْعَ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَنَقَلَ الْمَرْوَذِيُّ عَنْهُ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فِي الْجِهَادِ، وَالْأَقَارِبِ، وَالْحَجِّ، قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَهَذَا لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ وَالتَّحْدِيدِ، بَلْ يَجُوزُ صَرْفُهَا فِي الْجِهَاتِ كُلِّهَا لِلْعُمُومِ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ غَيْرُ هَذِهِ الْجِهَاتِ مِنْ تَكْفِينِ مَيِّتٍ، وَإِصْلَاحِ طَرِيقٍ، وَإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ، وَإِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ - أَحْوَجَ مِنْ بَعْضِهَا وَأَحَقَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute