للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُدْفَعُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ قَدْرُ مَا يَحُجُّ بِهِ، وَإِنْ قَالَ: يَحُجُّ عَنِّي حَجَّةً بِأَلْفٍ، دُفِعَ الْكُلُّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَلَهُ صَرْفُهُ فِي أَيِّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرَبِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى وَصِيَّتِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ صَرْفُهُ إِلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْأَفْضَلُ صَرْفُهُ إِلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَإِلَى مَحَارِمِهِ مِنَ الرَّضَاعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَإِلَى جِيرَانِهِ.

(وَإِنْ وَصَّى) أَيْ: مَنْ لَا حَجَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ (أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ، صَرَفَ) مِنْ ثُلُثِهِ (فِي حَجَّةٍ) أَيْ مُؤْنَةِ حَجِّهِ، أَمَانَةً، أَوْ جَعَالَةً، أَوْ إِجَارَةً، إِنْ صَحَّ الْإِيجَارُ عَلَيْهِ مِنْ مَحَلِّ وَصِيَّتِهِ كَحَجِّهِ بِنَفْسِهِ، وَقِيلَ: أَوْ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَهُوَ أَوْلَى (بَعْدَ أُخْرَى) رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا، نَصَّ عَلَيْهِ (حَتَّى يَنْفَدَ) لِأَنَّهُ وَصَّى بِهَا فِي جِهَةِ قُرْبَةٍ، فَوَجَبَ صَرْفُهَا فِيهَا كَالْوَصِيَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَنْهُ لَا يَصْرِفُ مِنْهَا سِوَى مُؤْنَةِ حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْبَقِيَّةُ إِرْثٌ، وَعَنْهُ: بَعْدَ حَجِّهِ لِلْحَجِّ، أَوْ سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَوْ لَمْ تَكْفِ الْأَلْفُ، أَوِ الْبَقِيَّةُ حَجَّ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ فِي ظَاهِرِ نُصُوصِهِ، وَعَنْهُ يُعَانُ بِهِ فِي حَجٍّ، قَالَ الْقَاضِي: وَحَكَاهُ الْعَنْبَرِيُّ عَنْ سَوَّارٍ الْقَاضِي، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا (وَيَدْفَعُ) الْوَصِيُّ (إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَ مَا يَحُجُّ بِهِ) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى نَفَقَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الْمُعَاوَضَةِ، فَاقْتَضَى عِوَضَ الْمِثْلِ كَالتَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ لَا يَحْمِلُ الثُّلُثَ، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا، فَإِنْ كَانَ فَرْضًا، أَخَذَ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الثُّلُثِ، أَوِ الْقَدْرَ الْكَافِيَ لِحَجِّ الْفَرْضِ إِذَا كَانَ قَدْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ أَكْثَرَ أَخَذَهُ، وَصَرَفَ فِي الْغَرَضِ قَدْرَ مَا يَكْفِيهِ، وَبَاقِيهِ فِي حَجَّةٍ أُخْرَى حَتَّى يَنْفَدَ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ أَقَلَّ، تَمَّ قَدْرَ مَا يَكْفِي الْحَجَّ، فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا أَخَذَ الثُّلُثَ لَا غَيْرَ إِذَا لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ، وَيَحُجُّ بِهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا.

(وَإِنْ قَالَ: يَحُجُّ عَنِّي حَجَّةً بِأَلْفٍ، دُفِعَ الْكُلُّ إِلَى مَنْ يَحُجُّ) لِأَنَّهُ أَوْصَى بِهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>