وَالْعَهْدِ، وَالْمِيثَاقِ، وَسَائِرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُضِفْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ صِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَنْهُ: يَكُونُ يَمِينًا.
وَإِنْ قَالَ: لَعَمْرُو اللَّهِ كَانَ يَمِينًا، وَقَالَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَعِزَّةِ اللَّهِ، وَعِلْمِهِ، لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِهَا، وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِالْحَلِفِ بِعِزَّةِ اللَّهِ تَعَالَى.
[الْحَلِفُ بِـ وَالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ]
(وَإِنْ قَالَ: وَالْعَهْدِ، وَالْمِيثَاقِ، وَسَائِرَ ذَلِكَ) أَيْ: بَاقِيهِ، (وَلَمْ يُضِفْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ اللَّهِ، فَلَمْ يَكُنْ يَمِينًا، كَالشَّيْءِ، وَالْمَوْجُودِ، (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ) بِإِطْلَاقِهِ، (صِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى) فَيَكُونَ يَمِينًا عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ النِّيَّةَ تُجْعَلُ لِلْعَهْدِ وَنَحْوِهِ كَأَمَانَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِأَنَّهُ حَلِفٌ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، (وَعَنْهُ) بِإِطْلَاقِهِ، (يَكُونُ يَمِينًا) لِأَنَّ اللَّامَ إِذَا كَانَتْ لِلتَّعْرِيفِ صَرَفَتْهُ إِلَى عَهْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ دَخَلَ فِيهِ ذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ أَنَّ أَحْمَدَ غَلَّظَ أَمْرَ الْعَهْدِ، وَقَالَ: هُوَ شَدِيدٌ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَحَلَفَتْ عَائِشَةُ لَا تُكَلِّمُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا كَلَّمَتْهُ أَعْتَقَتْ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ خِمَارَهَا، وَتَقُولَ: وَاعَهْدَاهُ، قَالَ: وَيُكَفِّرُ إِذَا حَلَفَ بِالْعَهْدِ وَحَنِثَ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ.
[الْحَلِفُ بِـ لَعَمْرُو اللَّهِ]
(وَإِنْ قَالَ: لَعَمْرُو اللَّهِ كَانَ يَمِينًا) نَصَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّهُ أَقْسَمَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ كَالْحَلِفِ بِبَقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: ٧٢] وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا رَضِيَتْ كِرَامُ بَنِي بَشِيرٍ ... لَعَمْرُو اللَّهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا
إِذِ الْعَمْرُ ـ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا: الْحَيَاةُ، وَاسْتُعْمِلَ فِي الْقَسَمِ الْمَفْتُوحِ خَاصَّةً، وَاللَّامُ لِلِابْتِدَاءِ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وُجُوبًا، تَقْدِيرُهُ: قَسَمِي (وَقَالَ أَبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute