نَهْرٌ أَوْ قَنَاةٌ أَوْ عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا، فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ. وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى قسمه بِالْمُهَايَأَةِ جَازَ. وَإِنْ أَرَادَا قَسْمَ ذَلِكَ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ، أَوْ حَجَرٍ مُسْتَوٍ فِي مَصْدِمِ الْمَاءِ فِيهِ ثُقْبَانِ عَلَى قَدْرِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، جَازَ. فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَ بِنَصِيبِهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شِرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ جَازَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزُ. وَيَجِيءُ عَلَى أَصْلِنَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ، وَيَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ.
فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّانِي: قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ: وَهِيَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهَا، وَلَا رَدَّ عِوَضٍ، كَالْأَرْضِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَوْ قَنَاةٌ أَوْ عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا، فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» . وَالنَّفَقَةُ لِحَاجَةٍ بِقَدْرِ سَقْيِهِمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى، شَارَكَ فِي الْغَرَامَةِ مَا فَوْقَهُ دُونَ مَا تَحْتَهُ.
فَإِنِ احْتَاجَ النَّهْرُ بَعْدَ الْأَسْفَلِ إِصْلَاحًا، كَتَصَرُّفِ الْمَاءِ فَعَلَيْهِمَا (إِنِ اتَّفَقَا عَلَى قسمه بِالْمُهَايَأَةِ) كَيَوْمٍ لِهَذَا، وَيَوْمٍ لِلْآخَرِ. (جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، وَكَالْأَعْيَانِ. (وَإِنْ أَرَادَا قَسْمَ ذَلِكَ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ، أَوْ حَجَرٍ مُسْتَوٍ فِي مَصْدِمِ الْمَاءِ فِيهِ ثُقْبَانِ عَلَى قَدْرِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، جَازَ) لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ إِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، فَجَازَ كَقَسْمِ الْأَرْضِ بِالتَّعْدِيلِ، وَيُسَمَّى الْمَرَازَ. (فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَ بِنَصِيبِهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شِرْبٍ) الشِّرْبُ: بِكَسْرِ الشِّينِ، وَهُوَ النَّصِيبُ مِنَ الْمَاءِ. (مِنْ هَذَا النَّهْرِ جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ. وَهُوَ يَتَصَرَّفُ عَلَى حَسَبِ اخْتِيَارِهِ. وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ) هَذَا وَجْهٌ ; لِأَنَّهُ إِذَا طَالَ الزَّمَانُ يُظَنُّ أَنَّ لِهَذِهِ الْأَرْضِ حَقًّا فِي السَّقْيِ مِنَ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَيَأْخُذُ لِذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ. فَإِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُجْرِيَ بَعْضَهُ فِي سَاقِيَةٍ إِلَى أَرْضِهِ قَبْلَ قِسْمَتِهِ، لَمْ يَجُزْ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَمْدَانَ. (وَيَجِيءُ عَلَى أَصْلِنَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ، وَيَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ) قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الْمُبَاحَاتِ، وَالْمُبَاحُ يَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ.
[قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ]
فَصْلٌ
(النَّوْعُ الثَّانِي: قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ) لِأَنَّهُ يَلِي الْأَوَّلَ، وَهُوَ قِسْمَةُ التَّرَاضِي. (وَهِيَ مَا لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute