للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاسِعَةِ وَالْقُرَى وَالْبَسَاتِينِ، وَالدُّورِ الْكِبَارِ وَالدَّكَاكِينِ الْوَاسِعَةِ، وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ كَالدِّبْسِ وَخَلِّ التَّمْرِ، أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ كَخَلِّ الْعِنَبِ وَالْأَدْهَانِ وَالْأَلْبَانِ. فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا القسم وَأَبَى الْآخَرُ أُجْبِرَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ضَرَرَ فِيهَا، وَلَا رَدَّ عِوَضٍ، كَالْأَرْضِ الْوَاسِعَةِ وَالْقُرَى وَالْبَسَاتِينِ، وَالدُّورُ الْكِبَارُ وَالدَّكَاكِينُ الْوَاسِعَةُ) وَالْمُرَادُ بِهِ أَحَدُهَا ـ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَسَاوِيَةَ الْأَجْزَاءِ أَوْ لَا ـ إِذَا أَمْكَنَ قَسْمُهَا بِالتَّعْدِيلِ، بِأَنْ لَا يُجْعَلَ شَيْءٌ مَعَهَا، فَلَهُمَا قَسْمُ أَرْضِ بُسْتَانٍ وَحْدَهَا وَغَلَّتِهِ وَالْجَمِيعِ، فَإِنْ قَسَّمَا الْجَمِيعَ أَوِ الْأَرْضَ فَقِسْمَةُ إِجْبَارٍ، وَيَدْخُلُ الشَّجَرُ تَبَعًا.

وَإِنْ قَسَّمَا الشَّجَرَ فَقَطْ فَتَرَاضٍ، وَلِأَنَّ جَوَازَ قَسْمِ الْأَرْضِ مَعَ اخْتِلَافِهَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَسْمِ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ أَوْ إِفْرَازٌ (وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّ الْغَرَضَ تَمْيِيزُ الْحَقِّ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ فِيهَا أَنْوَاعٌ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَّتِهِ، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ، وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ، لَمْ يُجْبَرْ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ نَوْعٍ بِنَوْعٍ آخَرَ، وَلَيْسَ بِقِسْمَةٍ، فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ كَغَيْرِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ جَازَ، وَكَانَ بَيْعًا يُعْتَبَرُ لَهُ التَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقَابُضُ وَسَائِرُ شُرُوطِ الْبَيْعِ (سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ كَالدِّبْسِ وَخَلِّ التَّمْرِ، أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ كَخَلِّ الْعِنَبِ وَالْأَدْهَانِ وَالْأَلْبَانِ) وَنَحْوِهَا، لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْغَرَضَ تَمْيِيزُ الْحَقِّ (فَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا) الْقَسْمَ (وَأَبَى الْآخَرُ أُجْبِرَ) الْمُمْتَنِعُ هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ، وَكَذَا حَاكَمَ فِي الْأَشْهَرِ (عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِزَالَةَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِالشَّرِكَةِ، وَحُصُولَ النَّفْعِ لِلشَّرِيكَيْنِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا تَمَيَّزَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِحَسَبِ اخْتِيَارِهِ، وَيَتَمَكَّنُ مِنْ إِحْدَاثِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ مَعَ الِاشْتِرَاكِ وَيُشْتَرَطُ لَهُ ـ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ـ أَنْ يُثْبِتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ مَلَكَهُمَا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ فِي الْإِجْبَارِ عَلَيْهِمَا حُكْمًا عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْهُمَا، فَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ لِخَصْمِهِ، بِخِلَافِ حَالَةِ الرِّضَى؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَبَيْعٍ مَرْهُونٍ وَجَانٍ.

وَنَقَلَ حَرْبٌ: فَيَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِسَهْمٍ مِنْ ضَيْعَةٍ بِيَدِ قَوْمٍ، فَهَرَبُوا مِنْهُ، يُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ وَيُدْفَعُ إِلَيْهِ حَقُّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>