الْقِسْمَةُ إِفْرَازُ حَقِّ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَلَيْسَتْ بَيْعًا فَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْعَقَارِ طَلْقًا وَنِصْفُهُ وَقْفًا، جَازَتْ قِسْمَتُهُ.
وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الثِّمَارِ خَرْصًا، وَقِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَزْنًا، وَمَا يُوزَنُ كَيْلًا، وَالتَّفَرُّقُ فِي قِسْمَةِ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ، فَقَسَمَ لَمْ يَحْنَثْ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيْعِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ بَعْضُهَا يُسْقَى سَيْحًا، وَبَعْضُهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْغَائِبِ، فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ ثُبُوتُهُ، وَأَنَّهُ أَوْلَى.
وَفِي الْمُحَرَّرِ: يُقَسِّمُ حَاكِمٌ عَلَى غَائِبٍ قِسْمَةَ إِجْبَارٍ، وَفِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: بَلْ مَعَ وَكِيلِهِ فِيهَا الْحَاضِرُ، وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ فِي عَقَارٍ بِيَدِ غَائِبٍ (وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إِفْرَازُ) يُقَالُ: فَرَزْتُ الشَّيْءَ وَأَفْرَزْتُهُ إِذَا عَزَلْتَهُ، وَالْإِفْرَازُ: مَصْدَرُ أَفْرَزَ، (حَقِّ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَقَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ لِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى لَفْظِ التَّمْلِيكِ، وَلَا تَجِبُ فِيهَا شُفْعَةٌ.
وَيَلْزَمُ بِإِخْرَاجِ الْقُرْعَةِ، وَيَتَقَدَّرُ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ بِمُقَدَّرٍ، وَيَدْخُلُهَا الْإِجْبَارُ (وَلَيْسَتْ بَيْعًا) لِأَنَّهَا تُخَالِفُهُ فِي الْأَحْكَامِ وَالْأَسْبَابِ، فَلَمْ تَكُنْ بَيْعًا كَسَائِرِ الْعُقُودِ، (فَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ) أَيْ: تَصِحُّ بِلَا رَدٍّ مِنْ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْعَقَارِ طِلْقًا) الطِّلْقُ: - بِكَسْرِ الطَّاءِ - الْحَلَالُ، وَسُمِّيَ الْمَمْلُوكُ طِلْقًا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ حَلَالٌ، وَالْمَوْقُوفُ لَيْسَ كَذَلِكَ (وَنِصْفُهُ وَقْفًا جَازَتْ قِسْمَتُهُ) إِنْ طَلَبَهَا صَاحِبُ الطِّلْقِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا رَدٌّ، عُوِّضَ وَفَعَلَا ذَلِكَ فِي وَقْفٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ جَازَ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْتَرُونَ بَعْضَ الطِّلْقِ، ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، (وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الثِّمَارِ خَرْصًا) ، أَيِ: الَّتِي تُخْرَصُ، (وَقِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَزْنًا وَمَا يُوزَنُ كَيْلًا) لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّمْيِيزُ، زَادَ فِيهِمَا فِي التَّرْغِيبِ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَرْعٌ: يَجُوزُ قَسْمُ لَحْمِ رَطْبٍ بِمِثْلِهِ، وَلَحْمِ هَدْيٍ وَأَضَاحٍ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، (وَالتَّفَرُّقُ فِي قِسْمَةِ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِأَنَّ التَّفَرُّقَ إِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ (وَإِذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَقَسَمَ، لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ (وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيْعِ) لِأَنَّهُ يَبْذُلُ نَصِيبَهُ مِنْ أَحَدِ السَّهْمَيْنِ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنَ السَّهْمِ الْآخَرِ، وَهَذَا حَقِيقَةُ الْبَيْعِ (فَلَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ) فَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ مَا كُلُّهُ وَقْفٌ أَوْ بَعْضُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute