للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الرَّابِعُ: الشَّهَادَةُ، فَلَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ ذَكَرَيْنِ بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ، وَإِنْ كَانَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الصِّحَّةِ، وَجَعَلَ الرِّوَايَةَ: أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا بِإِذْنِهِ بِدُونِ رِضَاهَا ; إِذِ الْعِتْقُ وَقَعَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَأُجِيبَ عَنْ مِلْكِهَا نَفْسَهَا: بِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُتَّصِلَ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِانْفِصَالِ قَبْلَ تَمَامِهِ، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهَا عَلَى نَفْسِهَا إِلَّا بَعْدَ النِّكَاحِ، وَالسَّيِّدُ كَانَ يَمْلِكُ إِجْبَارَهَا عَلَى النِّكَاحِ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ، فَكَذَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَعَنْ عَقْدِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ: بِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا خَرَجَ مَخْرَجَ الصَّدَاقِ صَارَ الْإِيجَابُ كَالْمُضْمَرِ فِيهِ، وَالْقَابِلُ هُوَ الْمُوجِبُ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَعَنِ الْعِتْقِ لَيْسَ بِمَالٍ: بِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُصُولُ مَالٍ - وَهُوَ تَمْلِيكُ الرَّقِيقِ مَنَافِعَ نَفْسِهِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ، (فَإِنْ أَبَتْ ذَلِكَ فَعَلَيْهَا قِيمَتُهَا) ; لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَرَجَعَ إِلَى الْقِيمَةِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

فَرْعٌ: إِذَا ارْتَدَّتْ أَوْ فَعَلَتْ مَا يُفْسَخُ بِهِ نِكَاحُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ - رَجَعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ قِيمَتِهَا، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: يَسْتَأْنِفُ نِكَاحَهَا بِإِذْنِهَا، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي مُوسَى: لَا يُعْتَبَرُ إِذْنُهَا، وَمَهْرُهَا الْعِتْقُ. فَعَلَى مُخْتَارِ الْقَاضِي إِنِ امْتَنَعَتْ لَزِمَهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ إِذَا لَمْ يُلْزَمْ بِالنِّكَاحِ، وَلَمْ يَرْضَ بِالشُّرُوطِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا عَلَى أَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ، بَلْ أَوْلَى.

[فَصْلٌ الشَّرْطُ الرَّابِعُ الشَّهَادَةُ]

فصل (الرَّابِعُ: الشَّهَادَةُ) وَهِيَ مِنَ الشُّرُوطِ لِصِحَّتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَالَهُ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ; لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ مَرْفُوعًا، قَالَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهَا وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْهَا مَرْفُوعًا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْبَغَايَا اللَّائِي يُنْكِحْنَ أَنْفُسَهُنَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا عَبْدُ الْأَعْلَى وَوَقَفَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، قَالَ: وَالْوَقْفُ أَصَحُّ، وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَرْبَعَةٍ: الْوَلِيُّ، وَالزَّوْجُ، وَالشَّاهِدَانِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْمَعْنَى فِيهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>