صَحَّ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهَا، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ نِكَاحَهَا بِإِذْنِهَا، فَإِنْ أَبَتْ ذَلِكَ، فَعَلَيْهَا قِيمَتُهَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ عِوَضًا عَنْهُ، دَلِيلُهُ مَنْفَعَةُ الْخِدْمَةِ، كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى خِدْمَةِ سَنَةٍ، لَا يُقَالُ: هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ ; إِذْ مِنْ خَصَائِصِهِ النِّكَاحُ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَلَا شُهُودٍ ; لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَرَضُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَقَدَ بِمَهْرٍ وَإِذْنٍ، فَحُكْمُ أَمَتِهِ حُكْمُهُ فِي صَفِيَّةَ، وَمِثْلُهُ: جَعَلْتُ عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا، أَوْ عَكْسٌ، أَوْ عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا، أَوْ عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ وَعِتْقِي صَدَاقُكِ.
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُشْتَرَطُ مَعَ قَوْلِهِ: تَزَوَّجْتُهَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْأَمَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا، وَأَنْ يَقْصِدَ بِالْعِتْقِ جَعْلَهُ صَدَاقًا.
تَنْبِيهٌ: أُورِدَ عَلَى الْقَاضِي إِذَا قَالَ: جَعَلْتُ عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَ ابْنَتِكَ، لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ، فَكَذَا فِي نَفْسِهِ، فَأَجَابَ: لَا يَصِحُّ ; لِتَقَدُّمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ، فَلَوْ قَالَ الْأَبُ ابْتِدَاءً: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي عَلَى عِتْقِ أُخْتِكَ، فَقَالَ: قَبِلْتُ، لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَصِحَّ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِذَا قَالَ: زَوَّجْتُ أَمَتِي مِنْ فُلَانٍ، وَجَعَلْتُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ ; لِأَنَّهُمْ قَالُوا: الْوَقْتُ الَّذِي جَعَلَ الْعِتْقَ صَدَاقًا كَانَ يَمْلِكُ إِجْبَارَهَا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ، (فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهَا) نَصَّ عَلَيْهِ ; إِذِ التَّسْمِيَةُ صَحِيحَةٌ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ فِي نِصْفِهَا كَغَيْرِهَا، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إِلَى الرُّجُوعِ فِي الرِّقِّ بَعْدَ زَوَالِهِ، رَجَعَ فِي بَدَلِهِ وَهُوَ الْقِيمَةُ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ يَوْمَ عِتْقِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ، فَهَلْ يَنْتَظِرُ الْقُدْرَةَ أَوْ يَسْتَسْعِي؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ، قَالَ الْقَاضِي: أَصْلُهَا: الْمُفْلِسُ إِذَا كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ، هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الِاكْتِسَابِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ نِكَاحَهَا بِإِذْنِهَا) ، نَقَلَ الْمَرْوَذِيُّ أَنَّهُ يُوَكِّلُ رَجُلًا، فَأَخَذَ الْقَاضِي وَأَتْبَاعُهُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ ; إِذْ بِالْعِتْقِ تَمْلِكُ نَفْسَهَا، فَيُعْتَبَرُ رِضَاهَا كَمَا لَوْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا ; وَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إِيجَابٌ وَلَا قَبُولٌ، وَهُمَا رُكْنَاهُ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِهِمَا ; وَلِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يُجْبِرُهُ، أَشْبَهَ رَقَبَةَ الْحُرِّ، وَنُوزِعَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي حِكَايَةِ رِوَايَةٍ بِعَدَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute