للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ، وَإِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُكِ، وَجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَذِنَتْ لَهُ فِي نِكَاحِهَا، فَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ) لِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لِأُمِّ حَكِيمِ بِنْتِ قَارِظٍ: أَتَجْعَلِينَ أَمْرَكِ إِلَيَّ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: قَدْ تَزَوَّجْتُكِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ وُجِدَ فِيهِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، فَصَحَّ كَمَا لَوْ كَانَا مِنْ رَجُلَيْنِ، وَكَمَا لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي الْإِيجَابُ، فَيَقُولُ: زَوَّجْتُ فُلَانًا فُلَانَةً، أَوْ تَزَوَّجْتُهَا إِنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجَ ; لِفِعْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مَعَهُ الْقَبُولُ، وَقِيلَ: تَوْلِيَةُ طَرَفَيْهِ تَخْتَصُّ بِمُجْبَرٍ، (وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ) نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ ; لِأَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ خَطَبَ امْرَأَةً هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا، فَأَمَرَ رَجُلًا فَزَوَّجَهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا ; وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مِلْكِهِ بِالْإِذْنِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْهِ كَالْبَيْعِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا إِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ، وَعَلَى هَذِهِ إِنْ وَكَّلَ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ النِّكَاحَ وَتَوَلَّى هُوَ الْإِيجَابَ جَازَ، كَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، أَوْ وَكَّلَهُ الْوَلِيُّ فِي الْإِيجَابِ وَالزَّوْجُ فِي الْقَبُولِ، فَوَجْهَانِ، وَعَلَى الْأَوْلَى: إِلَّا بِنْتَ عَمِّهِ وَعَتِيقَتَهُ الْمَجْنُونَتَيْنِ، فَيُشْتَرَطُ وَلِيٌّ غَيْرُهُ أَوْ حَاكِمٌ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا أَذِنَتْ لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَمْ تُعَيِّنِ الزَّوْجَ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُزَوِّجَهَا نَفْسَهُ ; لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْإِذْنِ يَقْتَضِي تَزْوِيجَهَا غَيْرَهُ كَوَلَدِهِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا قَبِلَ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَالْخِلَافُ فِي تَوَلِّي طَرَفَيِ الْعَقْدِ.

(وَإِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ) بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ - نَصَّ عَلَيْهِ -: (أَعْتَقْتُكِ، وَجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ، صَحَّ) الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ; لِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ: مَا أَصْدَقَهَا؛ قَالَ: نَفْسَهَا، أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ: «وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَأْنَفَ عَقْدًا، وَمَتَى ثَبَتَ الْعِتْقُ صَدَاقًا ثَبَتَ النِّكَاحُ ; إِذِ الصَّدَاقُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عَلِيٍّ، وَفَعَلَهُ أَنَسٌ ; وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ إِحْدَى الْمَنْفَعَتَيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>