فَيَشْهَدُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ سَهْوٌ مِنْ نَاقِلِهَا.
وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ، حَتَّى تَثْبُتَ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمَا. وَعَدَالَةُ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ. وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَلَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَدْخَلٌ) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَهَادَتِهِنَّ إِثْبَاتُ الْحَقِّ الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ شُهُودُ الْأَصْلِ، فَكَانَ لَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ كَالْبَيْعِ.
وَعَنْهُ: لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ فِي الْأُصُولِ ; لِأَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ضَعْفًا فَاعْتُبِرَ تَقْوِيَتُهَا بِالذُّكُورِيَّةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ فِي الْأَصْلِ. وَفِي الْفُرُوعِ: رِوَايَتَانِ. (فَيَشْهَدُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِدُخُولِهِنَّ فِيهِ. (وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ) لِأَنَّ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ ضَعْفًا، فَلَا يُضَمُّ ضَعْفٌ إِلَى ضَعْفٍ. (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ سَهْوٌ مِنْ نَاقِلِهَا) لِأَنَّهُ إِذَا قُبِلَ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ عَلَى مِثْلِهَا فَلَأَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ رَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهَا؛ وَلِأَنَّ نَاقِلَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ فِيهَا: أَقْبَلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ. وَهَذَا مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ، فَإِنَّ رَجُلًا وَاحِدًا لَوْ كَانَ أَصْلًا، فَشَهِدَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ وَمَعَهُ مِائَةُ امْرَأَةٍ لَمْ يُقْبَلْ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ إِذَا شَهِدَ بِهَا وَحْدَهُ وَهُوَ فَرْعٌ وَيُحْكَمُ بِهَا.
قَالَ: وَلَوْ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ ذَلِكَ، حَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَيْهِ غَيْرُهُ. فَيَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى شَاهِدٍ وَاحِدٍ كَمَا يَقُولُهُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ.
[حُكْمُ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ]
(وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ، حَتَّى تَثْبُتَ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمَا وَعَدَالَةُ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ يَنْبَنِي عَلَى شَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ عَدَّلَ شُهُودُ الْفَرْعِ شُهُودَ الْأَصْلِ كَفَى بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا بِالْحَقِّ مَقْبُولَةٌ، فَكَذَا فِي الْعَدَالَةِ. وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِعَدَالَتِهِمْ تَوَلَّى الْحَاكِمُ ذَلِكَ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِنْ لَمْ يُعَدِّلْ شَاهِدُ الْفَرْعِ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا ; لِأَنَّ تَرْكَ تَعْدِيلِهِمَا يَرْتَابُ بِهِ الْحَاكِمُ وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْرِفَا ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْرِفَا عَدَالَتَهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute