مَسْجِدٍ حَصِيرًا، أَوْ عَلَّقَ فِيهِ قِنْدِيلًا لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ، وَإِنْ جَلَسَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ فَعَثَرَ بِهِ حَيَوَانٌ فَتَلِفَ لَمْ يُضْمَنْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
وَإِنْ أَخْرَجَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِيهَا، وَقَلْعِ حَجَرٍ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ، وَوَضْعِ الْحَصَى فِي حُفْرَةٍ فِيهَا لِيَمْلَأَهَا، وَتَسْقِيفِ سَاقِيَةٍ فِيهَا، وَوَضْعِ حَجَرٍ فِي طِينٍ لِيَطَأَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُبَاحٌ، لَا يُضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَكَذَا بِنَاءُ الْقَنَاطِرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا إِذْنُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ لَا تَعُمُّ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ سُقُوطُ الضَّمَانِ إِذَا حَفَرَهَا فِي مَكَانٍ مَائِلٍ عَنِ الْقَارِعَةِ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ حَاجِزًا، يُعْلِمُ بِهِ لِيُتَوَقَّى (وَإِنْ بَسَطَ فِي مَسْجِدٍ حَصِيرًا، أَوْ عَلَّقَ فِيهِ قِنْدِيلًا) أَوْ فَعَلَ فِيهِ شَيْئًا يَنْفَعُ النَّاسَ (لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ) لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ شَرْعًا، فَلَمْ يَضْمَنْ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ كَسِرَايَةِ الْقَوْدِ، وَقِيلَ: بَلْ يَضْمَنُ الْمَالَ، وَعَاقِلَتَهُ الدِّيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ فَعَلَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ حَاجَةً، فَهَدَرٌ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ كَوَضْعِ حَصًى فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ أَحْسَنَ بِفِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ، فَلَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ كَمَا لَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ وَالْجِيرَانُ (وَإِنْ جَلَسَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ فَعَثَرَ بِهِ حَيَوَانٌ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ جَلَسَ فِي مَكَانٍ لَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ عَلَى أَحَدٍ، وَتَقْيِيدُهُ بِالْوَاسِعِ يُخْرِجُ الضَّيِّقَ.
وَالثَّانِي: يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ جُعِلَتْ لِلْمُرُورِ فِيهَا لَا الْجُلُوسِ، وَالْمَسْجِدُ لِلصَّلَاةِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا مُبَاحًا، وَالطَّرِيقُ الْوَاسِعُ يُجْلَسُ فِيهِ عَادَةً، وَالْمَسْجِدُ جُعِلَ لِلصَّلَاةِ، وَانْتِظَارِهَا، وَالِاعْتِكَافِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَبَعْضُهَا لَا تُبَاحُ الصَّلَاةُ فِيهِ.
[أَخْرَجَ جَنَاحًا أَوْ مِيزَابًا إِلَى طَرِيقٍ فَسَقَطَ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ]
(وَإِنْ أَخْرَجَ جَنَاحًا، أَوْ مِيزَابًا إِلَى الطَرِيقِ فَسَقَطَ) أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ (عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ) الْمُخْرِجُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِذَلِكَ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، كَمَا لَوْ جَرَحَ إِنْسَانًا فَتَعَدَّى إِلَى قَتْلِهِ، وَأَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ الطَّرِيقَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إِذَا كَانَ غَيْرَ نَافِذٍ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ بِإِذْنِ أَهْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ.
مَسَائِلُ: إِذَا تَلِفَتْ حَامِلٌ أَوْ حَمْلُهَا مِنْ رِيحِ طَبِيخٍ، عَلِمَ أَصْحَابُهُ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ مَيْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute