عِنْدَ الْعَطَّارِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ لِيَشَمَّ الطِّيبَ فَشَمَّهُ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَلَا.
فصل
السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ وَاصْطِيَادُهُ وَهُوَ مَا كَانَ وَحْشِيًّا مَأْكُولًا، أَوْ مُتَوَلِّدًا مِنْهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُنْذِرِ أَنَّ عَوَامَّ أَهْلِ الْعِلْمِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَدْهِنَ بَدَنَهُ بِشَحْمٍ وَزَيْتٍ وَسَمْنٍ، وَإِنَّمَا خَصَّ الرَّأْسَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّعْرِ بِالْوَجْهِ كَذَلِكَ فَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هُمَا فِي دَهْنِ شَعْرِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي " تَعْلِيقِهِ " وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " وَ " الْكَافِي " فِيهِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي دَهْنِ بَدَنِهِ، كَرَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ.
تَنْبِيهٌ: يُقَدَّمُ غَسْلُ طِيبٍ عَلَى نَجَاسَةٍ يُتَيَمَّمُ لَهَا، وَلَا يَحْرُمُ دَلَالَةٌ عَلَى طِيبٍ وَلِبَاسٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ شِهَابٍ لِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِالسَّبَبِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمٌ مُخْتَصٌّ بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ عَلَى الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ مُخْتَصٌّ، وَهُوَ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ وَالْإِثْمُ (وَإِنْ جَلَسَ عِنْدَ الْعَطَّارِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ) كَقَصْدِ الْكَعْبَةِ حَالَ تَجْمِيرِهَا أَوْ حَمَلَ مَعَهُ عُقْدَةً فِيهَا مِسْكٌ لِيَجِدَ رِيحَهَا (لِيَشُمَّ الطِّيبَ فَشَمَّهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ) ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شَمَّهُ قَاصِدًا فَحَرُمَ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُبَاحُ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا جَلَسَ عِنْدَ الْعَطَّارِ لِحَاجَتِهِ أَوْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ لِلتَّبَرُّكِ بِهَا، وَإِذَا اشْتَرَاهُ كَمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ.
[السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ]
فَصْلٌ (السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ) إِجْمَاعًا وَسَنَدُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥] (وَاصْطِيَادُهُ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] (وَهُوَ) أَيِ: الصَّيْدُ الْمُحَرَّمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مَا جَمَعَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ (مَا كَانَ وَحْشِيًّا) ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِوَحْشِيٍّ لَا يَحْرُمُ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَالْخَيْلِ وَالدَّجَاجِ إِجْمَاعًا، وَالِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ الْأَصْلُ، فَلَوِ اسْتَأْنَسَ الْوَحْشِيُّ، وَجَبَ فِيهِ الْجَزَاءُ، وَعَكَسُهُ لَوْ تَوَحَّشَ الْأَهْلِيُّ لَمْ يَجِبْ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، فِي بَقَرَةٍ صَارَتْ وَحْشِيَّةً؛ لَأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْإِنْسِيَّةُ، وَحَمَامٌ وَبَطٌّ وَحْشِيٌّ (مَأْكُولًا) ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمَأْكُولٍ كَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ، وَالْمُسْتَخْبَثِ مِنَ الْحَشَرَاتِ وَالطَّيْرِ يُبَاحُ قَتْلُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute