وَمِنْ غَيْرِهِ، فَمَنْ أَتْلَفَ أَوْ أُتْلِفَ فِي يَدِهِ، أَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْهُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَيَضْمَنُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِي الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ: الْحَدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِهِ فَأَمَّا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ كَالثَّعْلَبِ، وَالسِّنَّوْرِ الْوَحْشِيِّ، وَالْهُدْهُدِ، وَالصُّرَدِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَشْهَرُ: أَنَّهُ يَجِبُ فِي الثَّعْلَبِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي: أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي السِّنَّوْرِ الْوَحْشِيِّ؛ لِأَنَّهُ سَبُعٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا شَيَّ فِي الْأَهْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَحْشِيٍّ، وَلَا مَأْكُولٍ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَفْدِي أُمَّ حُبَيْنٍ بِجَدْيٍ، وَهِيَ دَابَّةٌ مُنْتَفِخَةُ الْبَطْنِ، وَهَذَا خِلَافُ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَخْبَثَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ لَا تُؤْكَلُ، حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: كُلْ مَا دَبَّ وَدَرَجَ، إِلَّا أُمَّ حُبَيْنٍ.
(أَوْ مُتَوَلِّدًا مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ) كَالْمُتَوَلِّدِ مِنَ الْوَحْشِيِّ، وَالْأَهْلِيِّ، وَالْمُتَوَلِّدِ مِنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ كَالسَّمْعِ، فَفِيهِ الْجَزَاءُ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ تَغْلِيبًا لِتَحْرِيمِ قَتْلِهِ كَمَا غَلَّبُوا التَّحْرِيمَ فِي أَكْلِهِ.
وَقِيلَ: لَا يَجِبُ فِيمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "؛ لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا حَرَّمَ صَيْدَ الْبَرِّ، وَهَذَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ (فَمَنْ أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ) .
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: إِذَا أَتْلَفَهُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ إِجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] .
الثَّانِيَةُ: إِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ، إِذِ الْوَاجِبُ إِمَّا إِرْسَالُهُ، أَوْ رَدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ جُمْلَتَهُ مَضْمُونَةٌ، فَيَضْمَنُ أَبْعَاضَهُ، كَالْآدَمِيِّ وَالْمَالِ، وَيَأْتِي حُكْمُ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ، لَكِنْ لَوْ نَصَبَ شَبَكَةً، ثُمَّ أَحْرَمَ، أَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ حَفَرَ بِئْرًا بِحَقٍّ، فَتَلَفَ بِهِ صَيْدٌ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ كَالْآدَمِيِّ فِيهِمَا، وَالْمُرَادُ: إِذَا لَمْ يَتَحَيَّلْ (وَيَضْمَنُ) مَعَ التَّحْرِيمِ (مَا دَلَّ عَلَيْهِ) نَقَلَهُ ابن منصور وأبُو الْحَارِثِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا بِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي " الْمُبْهِجِ " إِنْ كَانَتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute