للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَيْمَانَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ النِّكَاحَ، وَمَنْ يُزَوِّجُ موَلِيَّتَهُ إِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَمُوَلِّيَتِهِ.

وَيَصِحُّ فِي كُلِّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالْحُدُودِ فِي إِثْبَاتِهَا وَاسْتِيفَائِهَا، وَيَجُوزُ الِاسْتِيفَاءُ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَغَيْبَتِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

النِّكَاحَ) لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا احْتَاجَ إِلَى التَّزَوُّجِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ لَا يُمْكِنُهُ السَّفَرُ إِلَيْهِ، كَمَا تَزَوَّجَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُمَّ حَبِيبَةَ وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ (وَمَنْ يُزَوِّجُ مولِيَّتَهُ) ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ (إِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَمُوَلِّيَتِهِ) يُحْتَرَزُ بِهِ عَنِ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّ تَوْكِيلَهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَعَنِ الْفَاسِقِ، فَإِنَّ تَوْكِيلَهُ فِي الْإِيجَابِ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ بِنَفْسِهِ، إِذْ لَا وِلَايَةَ لِفَاسِقٍ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي الْقَبُولِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

[تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالْحُدُودِ]

(وَيَصِحُّ فِي كُلِّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنَ الْعِبَادَاتِ) كَتَفْرِقَةِ صَدَقَةٍ، وَزَكَاةٍ، وَنَذْرٍ، وَكَفَّارَةٍ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَبْعَثُ عُمَّالَهُ لِقَبْضِ الصَّدَقَاتِ وَتَفْرِيقِهَا، وَحَدِيثُ مُعَاذٍ شَاهِدٌ بِذَلِكَ، وَكَذَا الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَفْعَلُهُ بِشَرْطِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ: أَخْرِجْ زَكَاةَ مَالِي مِنْ مَالِكَ، فَأَمَّا الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ، فَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهَا، فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الصِّيَامُ الْمَنْذُورُ، فَإِنَّهُ يُفْعَلُ عَنِ الْمَيِّتِ، وَلَيْسَ بِتَوْكِيلٍ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنَ الصَّلَاةِ رَكَعَتَا الطَّوَافِ، فَإِنَّهَا تَبَعٌ لِلْحَجِّ وَمِنَ الطَّهَارَةِ صَبُّ الْمَاءِ وَإِيصَالُهُ إِلَى الْأَعْضَاءِ وَتَطْهِيرُ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ مِنَ النَّجَاسَةِ (وَالْحُدُودِ فِي إِثْبَاتِهَا وَاسْتِيفَائِهَا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَقَدْ وَكَّلَهُ فِي الْإِثْبَاتِ، وَالِاسْتِيفَاءِ جَمِيعًا.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ فِي إِثْبَاتِهَا، لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبَهَاتِ، وَقَدْ أُمِرْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>