للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي كُلِّ حَقٍّ آدَمِيٍّ مِنَ الْعُقُودِ، وَالْفُسُوخِ، وَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ وَتَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الصَّيْدِ، وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِ إِلَّا الظِّهَارَ، وَاللِّعَانَ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ بِجُعْلٍ، لِأَنَّهُ مِنِ اكْتِسَابِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ بِغَيْرِ جُعْلٍ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَصِحَّةُ وَكَالَةِ الْمُمَيِّزِ فِي طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْهُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " رِوَايَتَانِ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ بِلَا إِذْنٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَوَكَّلَ وَاجِدٌ لِلطَّوْلِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أَمَةٍ لِمُبَاحٍ لَهُ، وَغَنِيٌّ لِفَقِيرٍ فِي قَبُولِ زَكَاةٍ، لِأَنَّ سَلْبَهُمَا الْقُدْرَةَ تَنْزِيهًا، وَقَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَبِيهِ الْأَجْنَبِيِّ. قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ.

(وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي كُلِّ حَقٍّ آدَمِيٍّ مِنَ الْعُقُودِ) ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَكَّلَ عُرْوَةَ بْنَ الْجَعْدِ فِي الشِّرَاءِ، وَسَائِرُ الْعُقُودِ كَالْإِجَارَةِ، وَالْقَرْضِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْإِبْرَاءِ فِي مَعْنَاهُ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُحْسِنُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ، أَوْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إِلَى السُّوقِ، أَوْ يَحُطُّ ذَلِكَ مِنْ مَنْزِلَتِهِ

فَأَبَاحَهَا الشَّارِعُ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ وَتَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ،

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ.

وَقِيلَ: التَّوْكِيلُ فِيهِ إِقْرَارٌ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَفِي إِثْبَاتِ الْقِصَاصِ، وَفِي الْمُطَالَبَةِ بِالْحُقُوقِ وَإِثْبَاتِهَا، وَالْمُحَاكَمَةِ فِيهَا حَاضِرًا كَانَ الْمُوَكِّلُ، أَوْ غَائِبًا صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ (وَالْفُسُوخِ، وَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ) ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي الْإِنْشَاءِ، فَجَازَ فِي الْإِزَالَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَالرَّجْعَةِ) ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ (وَتَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ، وَنَحْوِهِ) كَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَوَارِيثِ، لِأَنَّهَا تَمَلُّكُ مَالٍ بِسَبَبٍ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، فَجَازَ كَالِابْتِيَاعِ، وَالِاتِّهَابِ، وَقِيلَ: مَنْ وَكَّلَ فِي احْتِشَاشٍ وَاحْتِطَابٍ فَهَلْ يَمْلِكُ الْوَكِيلُ مَا أَخَذَهُ، أَوْ مُوَكِّلُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ (إِلَّا الظِّهَارَ) ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ مُنْكَرٌ وَزُورٌ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَلَمْ تَجُزِ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ كَالْإِيلَاءِ (وَاللِّعَانَ، وَالْأَيْمَانَ) ، لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ، فَلَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ كَالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، وَالنَّذْرُ وَالْقَسَامَةُ كَذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الْقَسْمُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ، لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالزَّوْجِ لِأَمْرٍ يَخْتَصُّ بِهِ، وَالشَّهَادَةُ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالشَّاهِدِ، وَالرَّضَاعُ، لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمُرْضِعَةِ، وَالِالْتِقَاطُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَالْتَقَطَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنَ الْآمِرِ، وَالِاغْتِنَامُ، لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالْحُضُورِ، وَالْغَصْبُ، وَالْجِنَايَةُ، لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ (وَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>