للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ شَاءَ بَعْدَهُ.

وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْيَمِينِ، وَمَنْ كَرَّرَ أَيْمَانًا قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَعَلَيْهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

{فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: ١٩٦] لِلْآيَةِ، (مُتَتَابِعَاتٍ) أَيْ: بِلَا عُذْرٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِقِرَاءَةِ أُبَيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، حَكَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا سَمِعَاهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَكُونُ خَبَرًا، وَكَصَوْمِ الظِّهَارِ، وَعَنْهُ: تَفْرِيقُهَا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَلِ الدَّيْنُ كَزَكَاةٍ فَيَصُومَ، أَمْ لَا كَفِطْرِهِ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الصَّوْمِ، إِلَّا إِذَا عَجَزَ كَعَجْزِهِ عَنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا اسْتَدَانَ إِنْ قَدَرَ، وَإِلَّا صَامَ.

فَرْعٌ: تَجِبُ كَفَّارَةٌ وَنَذْرٌ عَلَى الْفَوْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ (إِنْ شَاءَ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَإِنْ شَاءَ بَعْدَهُ) سَوَاءٌ كَانَ صَوْمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ: عُمَرُ، وَابْنُهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَلْمَانُ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» ، رَوَاهُ، أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَلِأَنَّهُ كَفَّرَ بَعْدَ سَبَبِهِ، فَجَازَ، كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ بَعْدَ الْجُرْحِ، وَكَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بَعْدَ وُجُودِ النِّصَابِ، وَالْحِنْثُ شَرْطٌ وَلَيْسَ بِسَبَبٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْفَضِيلَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: بَعْدَهُ أَفْضَلُ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ، وَهَذَا مَحَلُّهُ، مَا لَمْ يَكُنِ الْحِنْثُ حَرَامًا، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَفَّرَ بَعْدَهُ مُطْلَقًا، وَفِي الْوَاضِحِ عَلَى رِوَايَةٍ: حِنْثُهُ بِعَزْمِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ يَمِينِهِ بِنِيَّتِهِ لَا يَجُوزُ، بَلْ لَا يَصِحُّ، وَفِيه رِوَايَة: لَا يَجُوزُ بِصَوْمٍ، لِأَنَّهُ تَقْدِيمُ عِبَادَةٍ كَصَلَاةٍ، وَاخْتَارَ فِي التَّحْقِيقِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْحِنْثِ، كَمَا لَوْ كَفَّرَ قَبْلَ الْيَمِينِ، وَكَحِنْثٍ مُحَرَّمٍ فِي وَجْهٍ.

[تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْيَمِينِ]

(وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْيَمِينِ) عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لِلْحُكْمِ قَبْلَ سَبَبِهِ، كَتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ، مَعَ أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ ذَكَرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيمِهَا (وَمَنْ كَرَّرَ أَيْمَانًا قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَدٌّ، بِدَلِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>