فَصْلٌ وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعَامٍ، فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ إِنْ قَدَرَ عَلَى إِيصَالِهِ إِلَيْهِمْ إِلَّا فِدْيَةَ الْأَذَى وَاللُّبْسِ وَنَحْوِهَا إِذَا وُجِدَ سَبَبُهَا فِي الْحِلِّ، فَيُفَرِّقُهَا حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهَا. وَدَمُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]
فَصْلٌ (وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعَامٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحَرَمِ أَوِ الْإِحْرَامِ (فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ إِنْ قَدَرَ عَلَى إِيصَالِهِ إِلَيْهِمْ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] وَقَوْلِهِ {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣] وَيَجِبُ نَحْرُهُ بِالْحَرَمِ، وَيُجْزِئُ جَمِيعُهُ قَالَ: أَحْمَدُ: مَكَّةُ وَمِنًى وَاحِدٌ، وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فِي رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ الَّتِي عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ» وَفِي " الْفُرُوعِ " تَوْجِيهٌ: لَا يُنْحَرُ فِي الْحَجِّ إِلَّا بِمِنًى، وَلَا فِي الْعُمْرَةِ إِلَّا بِمَكَّةَ، وَيَجِبُ تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ بِالْحَرَمِ أَوْ إِطْلَاقُهُ لِمَسَاكِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ كَالذَّبْحِ، وَالتَّوْسِعَةُ عَلَيْهِمْ مَقْصُودَةٌ، فَلَوْ سَلَّمَهُ لِلْفُقَرَاءِ سَلِيمًا فَذَبَحُوهُ أَجْزَأَ، وَإِلَّا اسْتَرَدَّهُ، وَنَحَرَهُ، فَإِنْ أَبَى أَوْ عَجَزَ ضَمِنَهُ، وَالطَّعَامُ كَالْهَدْيِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " الْهَدْيُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ، وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إِلَى الْمَسَاكِينِ فَاخْتُصَّ بِهِمْ كَالْهَدْيِ، وَمَسَاكِينُ الْحَرَمِ مَنْ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مُقِيمًا كَانَ أَوْ مُجْتَازًا مِنَ الْحَاجِّ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ بَانَ بَعْدَ الدَّفْعِ غِنَاهُ فَكَالزَّكَاةِ، وَمَا جَازَ تَفْرِيقُهُ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ إِلَى فُقَرَاءِ الذِّمَّةِ كَالْحَرْبِيِّ، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُغَدِّيَ الْمَسَاكِينَ أَوْ يُعَشِّيَهُمْ إِنْ جَازَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ فِيهِ احْتِمَالَانِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ إِيصَالُهُ إِلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَبْحُهُ، وَتَفْرِيقُهُ فِي غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] (إِلَّا فِدْيَةَ الْأَذَى وَاللُّبْسِ وَنَحْوِهَا) كَالتَّقْلِيمِ، وَالطِّيبِ (إِذَا وُجِدَ سَبَبُهَا فِي الْحِلِّ فَيُفَرِّقُهَا حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهَا) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ كَعْبًا بِهَا بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ فِي الْحِلِّ، وَاشْتَكَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَأْسَهُ فَحَلَقَهُ عَلِيٌّ، وَنَحَرَ عَنْهُ جَزُورًا بِالسُّقْيَا. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْحَرَمِ، وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ: فِي غَيْرِ الْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ خُولِفَ فِيهِ لِمَا سَبَقَ، وَاعْتَبَرَ فِي " الْمُجَرَّدِ " وَ " الْفُصُولِ " الْعُذْرَ فِي الْمَحْظُورِ، وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمَعْذُورِ كَسَائِرِ الْهَدْيِ، وَعَنْهُ: فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ حَيْثُ قَتَلَهُ كَحَلْقِ الرَّأْسِ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ لِمُخَالَفَةِ الْكِتَابِ.
فَرْعٌ: وَقْتُ ذَبْحِهِ حِينَ فِعْلِهِ، وَلَهُ الذَّبْحُ قَبْلَهُ لِعُذْرٍ كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ.
(وَدَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute