للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَمِيصٌ، خَلَعَهُ وَلَمْ يَشُقُّهُ فَإِنِ اسْتَدَامَ لُبْسُهُ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. وَإِنْ لَبِسَ ثَوْبًا كَانَ مُطَيَّبًا، وَانْقَطَعَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ، وَكَانَ بِحَيْثُ إِذَا رَشَّ فِيهِ مَاءً، هَاجَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَوْ جُبَّةٌ، وَلَوْ عَبَرَ بِالْمَخِيطِ لَعَمَّ (خَلَعَهُ وَلَمْ يَشُقُّهُ) لِحَدِيثِ يَعْلَى، وَلَوْ وَجَبَ شَقُّهَا أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ لَأَمَرَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَلِمَا فِي الشَّقِّ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا (فَإِنِ اسْتَدَامَ لُبْسُهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ) ؛ لِأَنَّ خَلْعَهُ وَاجِبٌ، لِلْأَمْرِ بِهِ فَوَجَبَتِ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ، وَلِأَنَّ اسْتِدَامَةَ اللُّبْسِ تُسَمَّى لُبْسًا لِقَوْلِهِمْ لَبَسْتُ شَهْرًا. لَا يُقَالُ قَدْ أَمَرَهُ بِغَسْلِ الطِّيبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ، وَرَدَ مَا يَقْتَضِي اسْتِدَامَةَ الطِّيبِ دُونَ لُبْسِهِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ رَاجِعٌ عَلَى حَدِيثِ صَاحِبِ الْجُبَّةِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ عَلَيْهِ جُبَّةٌ بِهَا أَثَرُ الْخَلُوقِ، وَفِي بَعْضِهَا، وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ، وَفِي بَعْضِهَا «عَلَيْهِ رَدَعٌ مِنْ زَعْفَرَانَ» فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطِّيبَ كَانَ مِنْ زَعْفَرَانَ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ فَفِيهِ أَوْلَى؛ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْهُ، الثَّانِي أَنَّهُ كَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ عَامَ الْجِعْرَانَةِ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ سَنَةَ عَشْرٍ فَهُوَ مُتَأَخِّرٌ، وَالْحُكْمُ لَهُ.

(وَإِنْ لَبِسَ ثَوْبًا كَانَ مُطَيَّبًا، وَانْقَطَعَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ، وَكَانَ بِحَيْثُ إِذَا رَشَّ فِيهِ مَاءً هَاجَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ) ؛ لِأَنَّهُ مُطَيَّبٌ، بِدَلِيلِ أَنَّ رَائِحَتَهُ تَظْهَرُ عند رَشَّ الْمَاءَ، والماء لَا رَائِحَةَ لَهُ أَشْبَهُ مَا لَوْ ظَهَرَ بِنَفْسِهِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ رِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ الْآنَ، أَشْبَهَ الَّذِي لَمْ يَتَطَيَّبْ أَصْلًا.

تَنْبِيهٌ: الْقَارِنُ كَغَيْرِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِأَنَّهُمَا حُرْمَتَانِ كَحُرْمَةِ الْحَرَمِ، وَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ إِحْرَامَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِحُرْمَةِ الْحَرَمِ، وَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ النُّسُكِ، وَنِيَّةَ الْحَجِّ غَيْرُ نِيَّةِ الْعُمْرَةِ، وَاخْتَارَ جَمْعٌ أَنَّهُ إِحْرَامٌ وَاحِدٌ كَبَيْعِ دَارٍ وَعَبْدٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ بِفِعْلِ الْمَحْظُورِ جَزَاءَانِ ذَكَرَهَا فِي " الْوَاضِحِ " وَذَكَرَ الْقَاضِي تَخْرِيجًا إِنْ لَزِمَهُ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ، وَخَصَّهَا ابْنُ عَقِيلٍ بِالصَّيْدِ كَمَا لَوْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ بِإِحْرَامٍ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَكَمَا لَوْ وَطِئَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>