بَابُ الْفِدْيَةِ وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ، أَحَدُهَا: مَا هُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: يُخَيَّرُ بَيْنَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ بُرٍّ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ ذَبْحُ شَاةٍ، وَهِيَ فِدْيَةُ حَلْقِ الرَّأْسِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظَّافِرِ، وَتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَاللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَعَنْهُ: يَجِبُ الدَّمُ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ لِعُذْرٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[بَابُ الْفِدْيَةِ] [أَنْوَاعُ الفدية في الحج]
ِ قَالَ: الْجَوْهَرِيُّ فَدَاهُ، وَفَادَاهُ: إِذَا أَعْطَى فَدَاءَهُ، وَفَدَاهُ بِنَفْسِهِ، وَفَدَّاهُ: إِذَا قَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ. انْتَهَى.
وَهِيَ مَا تَجِبُ بِسَبَبِ نُسُكٍ أَوْ حُرُمٍ، (وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَضْرُبٍ) مِنْهَا مَا وَرَدَ النَّصُّ بِالتَّخْيِيرِ فِيهِ، وَمِنْهَا مَا وَرَدَ بِالتَّرْتِيبِ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَخْيِيرٌ، وَلَا تَرْتِيبٌ كَفِدْيَةِ الْفَوَاتِ (أَحَدُهَا مَا هُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَهُوَ نَوْعَانِ) ؛ لِأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ فِدْيَةَ الْأَذَى وَنَحْوِهِ، وَتَارَةً جَزَاءُ صَيْدٍ فَأَشَارَ إِلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ:
(أَحَدُهُمَا: يُخَيَّرُ بَيْنَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ بُرٍّ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ ذَبْحُ شَاةٍ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: ١٨٤] وَلِحَدِيثِ كَعْبٍ السَّابِقِ، وَفِي لَفْظِ «احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوِ انْسُكْ شَاةً» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَقَدْ دَلَّا عَلَى وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى صِفَةِ التَّخْيِيرِ مِنَ الصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةُ، وَالذَّبْحُ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّ " أَوْ " لِلتَّخْيِيرِ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ الْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] أَيْ: فَأَفْطَرَ (وَهِيَ فِدْيَةُ حَلْقِ الرَّأْسِ) الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ، وَقِسْنَا الْبَاقِي عَلَيْهِ، (وَ) هُوَ (تَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ، وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ، وَاللُّبْسُ وَالطِّيبُ) لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي كَوْنِهِ حُرِّمَ فِي الْإِحْرَامِ لِأَجْلِ التَّرَفُّهِ، فَالصَّوْمُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْإِطْعَامِ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ، وَهُوَ أَشْهَرُ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ مِنْ غَيْرِهِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَعَنْهُ: نِصْفُ صَاعٍ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فَيَعْتَبِرُ بِالتَّمْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute