فَيُخَيَّرُ. الثَّانِي: جَزَاءُ الصَّيْدِ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْمِثْلِ أَوْ يَقُوِّمُهُ بِدَرَاهِمَ، فَيَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا، أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالزَّبِيبِ الْمَنْصُوصِ كَالشَّعِيرِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْذُورِ مِثْلُهُ فِي التَّخْيِيرِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْمَعْذُورِ، وَالتَّبَعُ لَا يُخَالِفُ أَصْلَهُ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ كَفَّارَةٍ ثَبَتَ التَّخْيِيرُ فِيهَا مَعَ الْعُذْرِ ثَبَتَ مَعَ عَدَمِهِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ. وَالشَّرْطُ لِجَوَازِ الْحَلْقِ لَا للتَّخْيِيرِ، (وَعَنْهُ: يَجِبُ الدَّمُ) عَيْنًا، فَإِنْ عَدِمَهُ، أَطْعَمَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ صَامَ (إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ لِعُذْرٍ فَيُخَيَّرُ) جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ يَتَعَلَّقُ بِمَحْظُورٍ يَخْتَصُّ الْإِحْرَامَ كَدَمٍ يَجِبُ بِتَرْكِ رَمْيٍ، وَمُجَاوَزَةِ مِيقَاتٍ.
(الثَّانِي جَزَاءُ الصَّيْدِ يُخَيَّرُ فِيهِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] فَعَطَفَ هَذِهِ الْخِصَالَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِـ " أَوْ " الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّخْيِيرِ كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَالْيَمِينِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَهَدْيِ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَةُ إِتْلَافٍ مُنِعَ مِنْهُ لِلْإِحْرَامِ أَوْ فِيهَا أَجْنَاسٌ كَالْحَلْقِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الطَّعَامَ فِيهَا لِلْمَسَاكِينِ فَكَانَ مِنْ خِصَالِهَا كَغَيْرِهَا فَعَلَى هَذَا يُخَيَّرُ فِيهِ (بَيْنَ الْمِثْلِ) وَسَيَأْتِي فَإِنِ اخْتَارَهُ ذَبَحَهُ، وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَهُ ذَبْحُهُ مَتَى شَاءَ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ حَيًّا (أَوْ يَقُوِّمَهُ) أَيِ: الْمِثْلَ (بِدَرَاهِمَ فَيَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُتْلَفٍ وَجَبَ مِثْلُهُ إِذَا قُوِّمَ، وَجَبَ قِيمَةُ مِثْلِهِ كَالْمِثْلِيِّ فِي مَالِ الْآدَمِيِّ، فَعَلَى هَذَا يَقَوِّمُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي أَتْلَفَهُ فِيهِ وَبِقُرْبِهِ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ آخَرُونَ يَقَوِّمُ بِالْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ذَبْحِهِ، وَعَنْهُ: يَقَوِّمُ مَكَانَ إِتْلَافِهِ أَوْ بِقِرْبِهِ لَا الْمِثْلُ عَمَّا لَا مِثْلَ لَهُ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ لَهُ الصَّدَقَةُ بِالدَّرَاهِمِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا، وَالْقِيمَةُ لَيْسَتْ مِمَّا خَيَّرَ اللَّهُ فِيهِ، وَالطَّعَامُ الْمُخْرَجُ هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَالْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ، وَقِيلَ: يُجْزِئِ كُلُّ مَا يُسَمَّى طَعَامًا، جَزَمَ بِهِ فِي " الْخِلَافِ " وَذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " احْتِمَالًا لِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ (فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا) أَيْ: مِنَ الْبُرِّ، وَمِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْمُؤَلِّفُ أَطْلَقَ الْعِبَارَةَ كَالْخِرَقِيِّ (أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute