للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

إِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا، وَيُمْكِنُهُ الِامْتِنَاعُ فَلَمْ يَمْتَنِعْ، أَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا، فَخَدَمَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَحْنَثُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا]

فَصْلٌ (إِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا) وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِامْتِنَاعُ، لَمْ يَحْنَثْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، فَإِنْ حُمِلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ (وَيُمْكِنُهُ الِامْتِنَاعُ، فَلَمْ يَمْتَنِعْ) حَنِثَ فِي الْمَنْصُوصِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي كَمَا لَوْ حُمِلَ بِأَمْرِهِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَلِي لِمَا تَقَدَّمَ.

وَالثَّانِي: لَا يَحْنَثُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِامْتِنَاعُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: كَيْفَمَا دَخَلَ بِاخْتِيَارِهِ، حَنِثَ مُطْلَقًا، وَلَوْ من غير بَابَهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ أُكْرِهَ بِضَرْبٍ وَنَحْوِهِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِلْخَبَرِ وَالْمَعْنَى، (أَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا، فَخَدَمَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَحْنَثُ) لِأَنَّهُ قَصَدَ اجْتِنَابَ خِدْمَتِهِ، وَلَمْ يَحْصُلْ (وَيُحْتَمَلْ أَنْ لَا يَحْنَثَ) وَهُوَ وَجْهٌ، لِأَنَّهُ اسْتَخْدَمَهُ، وَالسُّكُوتُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى، وَلِهَذَا يَمْلِكُ الَّذِي شَقَّ ثَوْبَهُ مُطَالَبَةَ الَّذِي شَقَّهُ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ عَبْدَهُ حَنِثَ، لِأَنَّ عَبْدَهُ يَخْدِمُهُ عَادَةً، فَمَعْنَى يَمِينِهِ لَأَمْنَعَنَّكَ خِدْمَتِي، فَإِذَا لَمْ يَنْهَهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، بِخِلَافِ عَبْدِ غَيْرِهِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْنَثُ فِيهِمَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ (وَإِنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا، فَتَلِفَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغَدِ، حَنِثَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ) نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَحُجَّنَّ الْعَامَ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَجِّ لِمَرَضٍ، أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ، لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لِمَعْنًى فِي الْمَحَلِّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ ضَرْبَ الْعَبْدِ لِصِغَرٍ بِهِ، أَوْ تَرَكَ الْحَالِفُ الْحَجَّ لِصُعُوبَةِ الطَّرِيقِ، وَيَحْنَثُ عُقَيْبَ تَلَفِهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقِيلَ: فِي آخِرِ الْغَدِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ) وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ، لَا مِنْ جِهَتِهِ، أَشْبَهَ الْمُكْرَهَ، أَمَّا لَوْ تَلِفَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ وَاخْتِيَارِهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَجْهًا وَاحِدًا، قَالَ فِي الشَّرْحِ: فَإِنْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي غَدٍ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ ضَرْبِهِ، فَكَمَا لَوْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ، وَإِنْ مَاتَ فِي غَدٍ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ ضَرْبِهِ، حَنِثَ وَجْهًا وَاحِدًا، وَإِنْ ضَرَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>