الْبَلْدَةِ، فَخَرَجَ وَحْدَهُ دُونَ أَهْلِهِ بَرَّ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنَ الدَّارِ، فَخَرَجَ دُونَ أَهْلِهِ لَمْ يَبِرَّ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، أَوْ لَيَرْحَلَنَّ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ فَفَعَلَ، فَهَلْ لَهُ الْعَوْدُ إِلَيْهَا؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَكْتُبِي لِي نِصْفَ مَالِكِ، فَكَتَبَتْ لَهُ بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، تَقَعُ الثَّلَاثُ، لِأَنَّهُ يَقَعُ بِاسْتِدَامَةِ الْمَقَامِ، فَكَذَا اسْتِدَامَةُ الزَّوْجِيَّةِ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، فَخَرَجَ وَحْدَهُ دُونَ أَهْلِهِ بَرَّ) لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْخُرُوجِ لَمْ يُعَارِضْهَا مُعَارِضٌ، فَوَجَبَ حُصُولُ الْبِرِّ لِحُصُولِ الْحَقِيقَةِ، وَكَذَا إِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنَ الدَّارِ وَلَا يَأْوِي أَوْ يَنْزِلُ فِيهَا، نَصَّ عَلَيْهِمَا، أَوْ لَا يَسْكُنُ الْبَلَدَ، أَوْ لَيَرْحَلَنَّ مِنْهُ، فَكَحَلِفِهِ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنَ الدَّارِ، فَخَرَجَ دُونَ أَهْلِهِ لَمْ يَبِرَّ) لِأَنَّ الدَّارَ يَخْرُجُ مِنْهَا صَاحِبُهَا كُلَّ يَوْمٍ عَادَةً، وَظَاهِرُ حَالِهِ إِرَادَةُ خروج غير الْمُعْتَادِ، بِخِلَافِ الْبَلَدِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا وَهُوَ خَارِجٌ عَنْهَا فَدَخَلَهَا، أَوْ كَانَ فِيهَا غَيْرَ سَاكِنٍ فَدَامَ جُلُوسُهُ، فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ: إِنْ قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنَ الْكَوْنِ فِيهَا حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: إِنِ انْتَقَلَ إِلَيْهَا بِرَحْلِهِ الَّذِي يَحْتَاجُهُ السَّاكِنُ حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ بَاتَ لَيْلَتَيْنِ فَلَا حِنْثَ، وَفِي الشَّرْحِ: إِذَا حَلَفَ عَلَى الرَّحِيلِ منْ بَلَدٍ لَمْ يَبِرَّ إِلَّا بِرَحِيلِ أَهْلِهِ (وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، أَوْ لَيَرْحَلَنَّ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ فَفَعَلَ، فَهَلْ لَهُ الْعُودُ إِلَيْهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
إِحْدَاهُمَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْعُودِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَرَجَّحَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ، لِأَنَّ يَمِينَهُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَقَدْ خَرَجَ فَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَلِقَوْلِهِ: إِنْ خَرَجْتُ فَلَكَ دِرْهَمٌ، اسْتَحَقَّ بِخُرُوجٍ أَوَّلَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
وَالثَّانِيَةُ: يَحْنَثُ بِالْعَوْدِ، لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ قَصْدُ هِجْرَانِ مَا حَلَفَ عَلَى الرَّحِيلِ مِنْهُ، وَالْعَوْدُ يُنَافِي مَقْصُودَ يَمِينِهِ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ لَهُ نِيَّةٌ، أَوْ سَبَبٌ، أَوْ قَرِينَةٌ، عُمِلَ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute