وَلَا يُمْكِنَهُ إِكْرَاهُهَا، فَيَخْرُجَ وَحْدَهُ، فَلَا يَحْنَثُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا، فَبَنَيَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَتَانِ، كُلُّ حُجْرَةٍ تَخْتَصُّ بِبَابِهَا وَمَرَافِقِهَا، فَسَكَنَ كُلٌّ وَاحِدٍ حُجْرَةً، لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ هَذِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ، أَوْ تَرَكَ لَهُ بِهِ شَيْئًا (حَنِثَ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، لِأَنَّ السُّكْنَى تَكُونُ بِالْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: فُلَانٌ سَاكِنٌ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ، وَإِنْ نَزَلَ بَلَدًا بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَيُقَالُ: سَكَنَهُ، لَكِنْ إِنْ خَرَجَ عَازِمًا عَلَى السُّكْنَى بِنَفْسِهِ مُنْفَرِدًا عَنْ أَهْلِهِ الَّذِينَ فِي الدَّارِ، لَمْ يَحْنَثْ، زَادَ فِي الشَّرْحِ: فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: إِنْ خَرَجَ بِأَهْلِهِ، فَسَكَنَ بِمَوْضِعٍ، وَقِيلَ: أَوْ وَجَدَهُ بِمَا يَتَأَثَّثُ بِهِ فَلَا.
فَرْعٌ: إِذَا أَقَامَ فِي الدَّارِ لِإِكْرَاهٍ، أَوْ لَيْلٍ، أَوْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُرُوجِ أَبْوَابٌ مُغْلَقَةٌ، أَوْ لِعَدَمِ مَا يَنْقُلُ عَلَيْهِ مَتَاعَهُ، أَوْ مَنْزِلٍ يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ أَيَّامًا وَلَيَالِيَ فِي طَلَبِ النَّقْلَةِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَقَامَ غَيْرَ نَاوٍ لَهَا حَنِثَ، ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ.
(إِلَّا أَنْ يُودِعَ مَتَاعَهُ أَوْ يُعِيرَهُ) ، أَوْ يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْهُ، (أَوْ تَأْبَى امْرَأَتُهُ الْخُرُوجَ مَعَهُ، وَلَا يُمْكِنَهُ إِكْرَاهُهَا، فَيَخْرُجَ وَحْدَهُ، فَلَا يَحْنَثُ) ، لِأَنَّ زَوَالَ الْيَدِ وَالْعَجْزَ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُمَا حِنْثٌ، (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا، فَبَنَيَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا، وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ، حَنِثَ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، إِذَا كَانَا فِي دَارٍ حَالَةَ الْيَمِينِ، وَتَشَاغَلَا بِبِنَاءِ الْحَائِطِ، لِأَنَّهُمَا مُتَسَاكِنَانِ قَبْلَ انْفِرَادِ إِحْدَى الدَّارَيْنِ مِنَ الْأُخْرَى، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ وَالْمَجْدُ قَوْلًا بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، فَإِنْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا، وَقَسَمَاهَا حُجْرَتَيْنِ، وَفَتَحَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَابًا، وَبَيْنَهُمَا حَاجِزٌ، وَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً، لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَسَاكِنَيْنِ، وَقَالَ مَرَّةً: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، لِكَوْنِهِ عَيْنُ الدَّارِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُسَاكِنْهُ فِيهَا (وَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَتَانِ، كُلُّ حُجْرَةٍ تَخْتَصُّ بِبَابِهَا وَمَرَافِقِهَا، فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً) وَلَا نِيَّةَ، وَلَا سَبَبَ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَاكِنٌ فِي حُجْرَتِهِ، فَلَا يَكُونُ مساكنا لِغَيْرِهِ، وَكَذَا إِنْ سَكَنَا فِي دَارَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ، قَالَ فِي الْفُنُونِ فِيمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِنْ دَخَلْتِ عَلَيَّ الْبَيْتَ، وَلَا كُنْتِ لِي زَوْجَةً إِنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute