الْبَاغِي لِلْعَادِلِ، فَلَا يَمْنَعُ، وَعَنْهُ: لَا يَرِثُ الْبَاغِي الْعَادِلَ، وَلَا الْعَادِلُ الْبَاغِيَ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ قَاتِلٍ لَا يَرِثُ.
بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لَا يَرِثُ الْعَبْدُ وَلَا يُورَثُ، سَوَاءٌ كَانَ قِنًّا، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، فَأَمَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَلِأَنَّ الْعَادِلَ إِذَا مُنِعَ مِنَ الْإِرْثِ مَعَ الْإِذْنِ، جَازَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ كُلُّ قَاتِلٍ؛ لِأَنَّ أَعْلَى مَرَاتِبِهِ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ (فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ قَاتِلٍ لَا يَرِثُ) بِحَالٍ فِي رِوَايَةٍ هِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَعُمُومُ الْأَدِلَّةِ يَشْهَدُ لَهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى سَدِّ الذَّرِيعَةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَرَّمَ الْمِيرَاثَ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ، لِئَلَّا يُفْضِي إِلَى اتِّخَاذِ الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ وَسِيلَةً، وَفِي مَسْأَلَتِنَا حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ يَمْنَعُ إِقَامَةَ الْحُدُودِ وَاسْتِيفَاءَ الْحُقُوقِ الْمَشْرُوعَةِ، وَلَا يُفْضِي إِلَى اتِّخَاذِ قَتْلٍ مُحَرَّمٍ، فَهُوَ ضِدُّ مَا ثَبَتَ فِي الْأَصْلِ.
مَسْأَلَةٌ: أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ قَتَلَ أَكْبَرُهُمُ الثَّانِي، ثُمَّ قَتَلَ الثَّالِثُ الْأَصْغَرَ، سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنِ الْأَكْبَرِ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ الثَّانِي صَارَ لِلثَّالِثِ وَالْأَصْغَرِ نِصْفَيْنِ، فَلَمَّا قَتَلَ الثَّالِثُ الْأَصْغَرَ، لَمْ يَرِثْهُ دُونَهُ الْأَكْبَرُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ نِصْفُ دَمِ نَفْسِهِ، وَمِيرَاثُ الْأَصْغَرِ جَمِيعُهُ، فَيَسْقُطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِمِيرَاثِهِ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ، وَلَهُ الْقِصَاصُ مِنَ الثَّالِثِ، وَيَرِثُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، فَإِنِ اقْتَصَّ مِنْهُ وَرِثَهُ وَوَرِثَ إِخْوَتَهُ الثَّلَاثَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]
بَابٌ
مِيرَاثُ الْمُعَتَقِ بَعْضُهُ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَانِعَ مِنَ الْإِرْثِ، وَهُوَ الرِّقُّ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ اخْتِلَافِ الدِّينِ، وَالْقَتْلِ الْمَضْمُونِ، وَمَنْ يَرِثُ بَعْضُهُ (لَا يَرِثُ الْعَبْدُ) نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ، وَتَرَكَ أَبًا مَمْلُوكًا يُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ وَيُعْتَقُ، ثُمَّ يَرِثُ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَعَنْ أَحْمَدَ: يَرِثُ عِنْدَ عَدَمِ وَارِثٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَأَبُو الْبَقَاءِ فِي النَّاهِضِ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَلِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مَوْرُوثًا، فَمَنَعَ كَوْنَهُ وَارِثًا كَالْمُرْتَدِّ، وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ، فَإِنَّهَا تَصِحُّ، وَتَكُونُ لِمَوْلَاهُ، وَقِيَاسُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute