بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا كَالْقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا أَوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، وَقَتْلِ الْعَادِلِ الْبَاغِيَ أَوِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَبُو الْوَفَاءِ، وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: أَنَّهُ يَرِثُ مَنْ لَا قَصْدَ لَهُ مِنْ صَبِيٍّ مَجْنُونٍ، وَإِنَّمَا يُحْرَمُ مَنْ يُتَّهَمُ، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْوَفَاءِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظْهِرُ الْجُنُونَ لِيَقْتُلَهُ، وَقَدْ يُحَرِّضُ عَاقِلٌ صَبِيًّا، فَحَسَمْنَا الْمَادَّةَ كَالْخَطَأِ (بِمُبَاشَرَةٍ) كَانَ الْخَطَأُ كَمَنْ رَمَى صَيْدًا، فَأَصَابَ مُوَرِّثَهُ (أَوْ سَبَبٍ) كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا، فَسَقَطَ فِيهَا مُوَرِّثُهُ (صَغِيرًا كَانَ الْقَاتِلُ أَوْ كَبِيرًا) لِأَنَّهُ قَاتِلٌ فَتَشْمَلُهُ الْأَدِلَّةُ، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ مَصْلَحَتَهُ، كَضَرْبِ الْأَبِ وَالزَّوْجِ لِلتَّأْدِيبِ، وَكَسَقْيِهِ الدَّوَاءَ، وَبَطِّ جُرْحِهِ، وَالْمُعَالَجَةِ إِذَا مَاتَ بِهِ، وَفِي الْفُرُوعِ: وَلَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً، فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا، لَمْ تَرِثْ مِنَ الْغُرَّةِ شَيْئًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ، فَمَاتَ، لَمْ يَرِثْهُ، وَإِنَّهُ إِنْ سَقَاهُ دَوَاءً أَوْ فَصَدَهُ، أَوْ بَطَّ سَلْعَتَهُ لِحَاجَةٍ، فَوَجْهَانِ، وَإِنَّ فِي الْحَافِرِ احْتِمَالَيْنِ، وَمِثْلُهُ نَصْبُ سِكِّينٍ، وَوَضْعُ حَجَرٍ، وَرَشُّ مَاءٍ، وَإِخْرَاجُ جَنَاحٍ، انْتَهَى. وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا، وَجَزَمَ فِي الْحَاشِيَةِ بِأَنَّهُ إِذَا أَدَّبَ وَلَدَهُ، فَمَاتَ، يُمْنَعُ الْإِرْثَ، وَظَاهِرُ الشَّرْحِ إِذَا لَمْ يَقْصِدْ مَصْلَحَتَهُ.
(وَمَا لَا يُضْمَنُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا كَالْقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) كَمَنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ بِالرَّجْمِ، أَوْ بِالْمُحَارَبَةِ، وَكَذَا إِنْ شَهِدَ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ أَوِ الْقِصَاصَ، نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ فِي أَرْبَعَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عَلَى أُخْتِهِمْ بِالزِّنَا، فَرُجِمَتْ، فَرَجَمَهَا مَعَ النَّاسِ: يَرِثُونَهَا؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ قَتَلَةٍ، وَيَتَوَجَّهُ فِي تَزْكِيَةِ شُهُودٍ كَذَلِكَ (أَوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا مَأْذُونًا فِيهِ، فَلَمْ يُمْنَعِ الْمِيرَاثَ، كَمَا لَوْ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ، فَأَفْضَى إِلَى تَلَفِهِ (وَقَتْلِ الْعَادِلِ الْبَاغِيَ، أَوِ الْبَاغِي لِلْعَادِلِ، فَلَا يَمْنَعُ) صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الْعُدْوَانِ حَسْمًا لِمَادَّتِهِ، وَنَفْيًا لِلْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ، فَلَوْ مَنَعَ هُنَا، لَكَانَ مَانِعًا مِنِ اسْتِيفَاءِ الْوَاجِبِ، أَوِ الْحَقِّ الْمُبَاحِ اسْتِيفَاؤُهُ (وَعَنْهُ: لَا يَرِثُ الْبَاغِي الْعَادِلَ، وَلَا الْعَادِلُ الْبَاغِيَ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَهَاتَانِ رِوَايَتَانِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى لَا يَرِثُ الْبَاغِي الْعَادِلَ، جَزَمَ بِهَا الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلِاَفَيْهَا، وَالْمُغْنِي وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ؛ لِأَنَّ الْبَاغِيَ آثِمٌ ظَالِمٌ، فَنَاسَبَ أَنْ لَا يَرِثَ مَعَ دُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَادِلِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي الْفِعْلِ مُثَابٌ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يُنَاسِبُ نَفْيَ الْإِرْثِ، وَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ وَجَمْعٌ إِنْ جَرَحَهُ الْعَادِلُ لِيَصِيرَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، وَرِثَهُ، لَا إِنْ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ ابْتِدَاءً، قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute